يا ساقيَ النور!/ للشاعر السوري ابراهيم فهد منصور

يا ساقيَ النّور!
___________
١
أرمّمُ القلبَ، لكنْ لا أُبدّلُهُ
منْ لي سواهُ بهذا التّيهِ يفهمُني!
إنْ راحَ يشكو منَ الدّنيا أُعلّلُهُ
أوْ كدتُ أهوي منَ الأعباءِ يحمِلُني!
*
ألقى الظّلامَ.. وفي عيني أغربلُهُ
كيما أضيءَ لمرآتي.. فأبصرَني!
وقدْ تشخّصَ بي.. دورٌ أمثّلُهُ
على الجميعِ، فما لي لا أصدّقُني!
٢
يا ساقيَ النّورِ.. إنَّ الكأسَ أوّلُهُ
سُقيا، وآخرُهُ رُقيا منَ الشّجنِ
إنْ حاقَ بي أجلٌ.. موتي يؤجّلُهُ
أو جاءَ مُعتفياً… أطعمتُهُ بدَني
*
أنا طريقي.. وأنفاسي تطوّلُهُ
ولستُ أعلمُ.. أينَ الظنُّ يأخذني
قدْ ضاعَ عمري على نقصٍ أكمّلهُ
وزادَ في النّقصِ أنّي لستُ أعرفُني!
٣
أستقبحُ الدّهرَ…. لكنّي أُجمّلُهُ
بالوهمِ، لا شيءَ إلّا الوهمَ يُنقذُني!
فمنْ أكونُ، ولا معنىً أُحاولُهُ
وما أريدُ ….ولا أنواءَ ترشدُني
*
أنا كثيرٌ على حُلمي.. فلي وَ لهُ
طيرٌ تحرّرَ من عنْقي.. وقيّدَني!
لم يبقَ عندي سوى جسمٍ أعدّلهُ
كأنَّ عصفاً منَ الأرواحِ يلبسُني!
٤
وبي حنينٌ إلى وقتٍ أرمّلُهُ
في ساعةٍ عشتُ فيها منتهى زمني
لذا رجعتُ إلى الماضي أسائلهُ
حتّى ألاقيَ منْ في الرّيحِ فرّقَني
ذرا حياتي.. وقدْ جفّتْ أناملُهُ
ثمَّ اصْطفى لي رحى أُخرى.. لتطحَنني
يأسي كبيرٌ… ولكنّي أؤمّلهُ
بالنّارِ في غدهِ المعجونِ بالمحنِ
٥
أنّى اتّجهتُ.. فلي قلبٌ أنقّلهُ
وحيثُ أذوي.. أرى حبّاً يورّدُني
فكلّ بدرٍ محا ليلي… أُدَللهُ
وكلُّ أرضٍ تغَشّاها النّدى.. سَكَني
*
والكونُ فيَّ .. وإنْ ضاعتْ رسائلهُ
أصغي بعيني.. وإنْ صمّتْ له أذُني
أحيا الوجودَ على معنىً أؤوِّلُهُ
لو كنتَ تجهلُ ما أعنيهِ.. تقتلُني!
________________________