محمد السطوحي يكتب :الحملة ضد رافائيل كوهين

مع بداية وجودى فى الولايات المتحدة فى أوائل التسعينيات، دعتنى صديقة محامية من أصل فلسطينى على العشاء فى منزل شخصية يهودية بارزة فى منطقة واشنطن. لم أكن ابتعدت كثيراً عن أسلوب التفكير التقليدى السائد فى مصر، لكن مع رغبتى فى الفهم والمعرفة قبلت الدعوة خاصة لثقتى فى صديقتى الفلسطينية ومواقفها.
هناك كانت تنتظرنا مفاجأة أخرى: جندى سابق فى الجيش الإسرائيلى حيث حدثنا باستفاضة عن الجرائم التى كانوا يرتكبونها بحق الفلسطينيين بل وشرح لنا بالتفصيل كيف وقعت مذابح صبرا وشاتيلا ودورهم فى مساعدة الميلشيات اللبنانية فى ارتكاب تلك الجريمة.
لم ألتق بهما بعدها ولكن بقيَت فى ذاكرتى مشاعر الخجل والذنب لدى الجندى السابق وهو يروى مايدينه ويدين دولته، ومشاعر العار التى عبر عنها المحامى اليهودى أن إسرائيل تفعل ذلك باسم اليهودية.
طبعاً هذا الكلام مايمشيش مع البعض اللى هايعتبرنى ساذج فى أحسن الأحوال ويدخل ينبهنى لطرقهم الخبيثة فى خداع أمثالى أو يعتبرنى آخرون طابور خامس عشر، لكن مش مهم، فرسالتى لمن يريد أن يرى الصورة الكاملة بأبعادها المختلفة. فبعيداً عن الهجوم أو الدفاع عن رافائيل كوهين الذى لا أعرفه، فإن المهم ألا يستند الهجوم فقط لاسمه الأخير أو ديانته، فهناك من اليهود من هم أكثر قوة فى دفاعهم عن الحقوق الفلسطينية من كثير من العرب والمسلمين الذين تُفتح لهم الفضائيات لشق الصف واستغلال أى خلافات سياسية أو ايديولوجية لتبرير المذابح والتطهير العرقي للفلسطينيين.
المشكلة أن هذه النظرة الضيقة لدى أغلب الناس بحسن نية وباسم الدفاع عن القضية، قد تكون أكبر معول فى هدمها، فهى تمنع التواصل الضروري والمفيد مع قوى كثيرة مؤثرة تؤمن بالعدالة والسلام!