رؤي ومقالات

جمال محمد غيطاس يكتب :بيان المقاومة الصادر قبل ساعات: إني لأجد ريح مصر لولا أن تفندون

قرأت بيان المقاومة الصادر قبل ساعات حول اتفاق إنهاء الحرب، وهو بيان معقول مسئول، يقتنص الفرصة ولا يفرط في الثوابت.
من وجهة نظر مواطن مصري بسيط، البيان جعلني أتذكر ما قاله سيدنا يعقوب حينما فصلت العير قادمة من مصر وبها قميص سيدنا يوسف، الذي امر بإلقائه على وجه ابيه ليرتد بصيرا، حينها قال سيدنا يعقوب: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ [يوسف: 94] .
اعتقد ـ وأرجو آلا أكون مخطئا ـ أنه بيان يخفي بين سطوره طيف مصر التي نشتاق اليها، لاح من بعيد فبدأ الميزان يشهد تغييرا ولو طفيف.
فعلى الأبواب اتفاق بين أكبر قوة في العالم وفصيل مقاوم يسكن الخنادق ويحارب بذكاء الفهد الذي آلم الخرتيت حتى وإن لم يهزمه
فالبيان ينص على انهاء كامل للحرب
وانسحاب كامل من القطاع
ودخول للمساعدات وتبادل للأسرى
وهذه نقاط جيدة تمهد لمزيد من المقاومة ولو بوسائل اخري، لمواصلة الكفاح من اجل كافة الحقوق المشروعة لأشقائنا في دولة ذات سيادة عاصمتها القدس.
بجانب البيان هناك موافقة من سائق اللودر المجنون لحضور توقيع الاتفاق
لاحظوا انه يحضر الي مصر دون ان تذهب مصر اليه ممثلة في السيد الرئيس
وهذا موقف يحمل بعض الرمزية الإيجابية، لأن مثله لم يحدث مع امة اخرى، ولا تحدثني عن زيارته للخليج فهذه أم المخازي، فقد ذهب إليهم باعتباره هواهم الذي اتخذوه إله، بينما يأتي الي ارضنا ليوقع اتفاقا طيفنا بين سطوره، يقول لا ويقول نعم، من دون أن يسلم كل شيء علي بياض وفوقه 2 تريليون دولار كاش كجزية، وطائرة هدية شخصية ليتم الرضا، وحينما تسلمها سائق اللودر المجنون خصصها كطائرة نقل بضائع، وبعدها وصلت صواريخ عدوهم وعدو دينهم الي عقر دارهم.
البيان دال على أنه لم يخلق بعد من يزيح أمتنا عن مكانها ومكانتها ويصبح بديلا لها، إذا ما ارادت حفظ مكانتها، وسعت لذلك ما عليها من سعي.
بيان يجعلك تشم عودة محترفينا لقلب الملعب وتراجع الهواة لخطوط الاحتياط.
هذه رائحة مصر التي ما أن تبدأ المضي بالجدية الواجبة لأخذ مكانتها حتى تعيد الأذن السمع بطريقه مختلفة
لا أمل من تكرار ان بلادنا ستعود لتضع هذا الصراع المرير الطويل على طريقه الصحيح
ليس حتما بالحرب ولكن بالقيمة والمكانة والقوة الناعمة والخشنة التي أصابنا الحزن والغم والهم وهي تتبدد بثمن بخس دراهم معدودات
لو مضي حلمنا قدما على طريقه الصحيح واقترب الطيف وظهرت ملامحه أكثر
فلن نتوقف عند من أخطأ في حقتا وحق وطننا من حكامنا، ولن نتوقف عند من في قمة السلطة أو خارجها
المهم أن يصلنا طيف مصر الحقيقية العظيمة ولا يظل يتراءى لنا من بعيد، لنشعر بدفء وطننا وعدله وخيره وسماحته وقوته وعقله وتدينه، وابداعه وحضارته.
هذا انجاز لو اكتمل سينتهي معه كل خلاف مع أي طرف، لأننا سنفرح جميعا بهامة وطننا ترتفع، ليستعيد عيون الصقر وانتصاب مسلات الفراعنة، وهيبة أبو الهول وصحيح الدين والتدين، وقوة العقل والإبداع، والحرية والعدل والمساواة
مرة أخرى …
عبر آلاف السنين كان المجد للنيل لا للخيمة، حتى لو اعترى النيل قليل أو كثير من الضعف، لوقت قصير أو طويل، فالنيل سيدخل إن آجلا أو عاجلا في دورة فيضان، تضع كل في مكانه.
تحيا المقاومة والشهداء والجرحى والثكالى والمحرومين والمشردين
وإذا كانت مصر طيف فرحنا بإطلالته البعيدة …. فهم يقينا ايقونة المشهد بأكمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى