أَصْدَاءٌ مِنْ بَرْزَخِ الْغِياب…..بقلم أيمن النبراوي

تَحْجُبُ الشَّمْسُ لَهِيبَهَا
خَلْفَ سِتَارٍ مِنْ غَيْمَاتٍ
وَيَتَوَارَى الْقَمَرُ فِي خسُوفِهِ
يَحْتَفِيَانِ بِرَاهِبٍ قَدِيمٍ
أَقَامَ بِمِحْرَابِ التَّرَقِّي
آبَ مِنَ اللَّا زَمَنِ
لَاذَ بِرُكْنٍ قَصِيٍّ
مُنْتَصِفَ زَاوِيَةِ الْحَجْبِ
مُنْتَصِبًا كَشُعَاعٍ عَاقٍّ مُسَافِرٍ
يُطَّل مِنْ شُرُفَاتِ الْحَنِينِ
يُدَاهِنُ طُوفَانَ الْوَجْدِ الْمُهَاجِرِ
يُنَادِمُ كَأْسَ كُرُومٍ عَاطِبٍ
عَلَى رَائِحَةِ الْجِلْدِ الْمَكْتَوِي
بِنَارِ الْجَوَى السَّاهِدِ
يُرَاقِبُ مَفْتُونًا
انْحِدَارَ ثَرِيَّاتِ الطَّلِّ
مِنْ عَلَى أَخَادِيدِ الْعَنَاقِيدِ
الْمُتَدَلِّيَةِ مِنْ سَقِيفَةِ الاشْتِهَاءِ
تَتَدَفَّقُ فِي حَنْوٍ
إِلَى وِهَادٍ عَطْاش
تُبَلِّلُ نَبْعَ الرِّضَابِ
يَسْتَكِينُ بِجُرْعَةٍ مِنْ خَدَرٍ
يَؤُزُّهُ عِتَامُ الضَّبَابِ
يُطْلِقُ صَهِيلَ اللَّعَنَاتِ
عَلَى مُغْتَصِبٍ سَافِرٍ
يُكَنَّى بِالْغِيَابِ
تَرْثِي لِحَالِهِ كَرْمَةٌ …تَبْكِيهِ
تُعْنِفُ أَغْصَانَهَا عَلَى إلتَوَاءَاتِهَا
الْمُتَشَبِّثَةِ بِشَهْوَةِ الْخُلْدِ
تَحْبِسُ النَّضَارَةَ عَلَى وَرِيقَاتِهَا
ففَرَّتْ مَعَ رِيَاحِ الْخَرِيفِ
وَتَتَعَرَّى الْعَنَاقِيدُ
يَجِفُّ الْكَرْمُ عَلَى أَغْصَانِهِ
يَصِيرُ زَبِيبًا مُعَتَّقًا فِي بَهْوِ الْأَنِينِ
يُسْكِرُ دَرَاوِيشَ الْعِشْقِ
تَنْذُرُ بَقَايَاهُ طَعْمًا لِلْعَصَافِيرِ
وَكَنْزًا لِقَوَافِلِ النَّمْلِ
الْهَارِبِ مِنْ بَيْنِ أَقْدَامِ جُنُودِ سُلَيْمَانَ
لَيْسَ بِالظِّلِّ وَحْدَهُ
يَحْيَا الْعَاشِقُونَ