السفير فوزي العشماوي يكتب :ماذا يحدث في غزة ؟

يميل العقل العربي دوما للتبسيط المخل، فما أن توقفت آلة القتل الإسرائيلية في غزة حتي تواترت الأنباء عن إشتباكات فلسطينية فلسطينية، أنتجت فورا تفسيرات أحادية، بعضها يتهم إسرائيل بالخلق والإختلاق وكأن إسرائيل أوجدت خلافات وحساسيات من العدم، وبعضها إتهم حماس بالإستبداد والقمع والعقوبات والإعدامات خارج القانون ناسين أن أي سلطة لاتملك قبضة قوية تخاطر بالتفكك وإنتشار العملاء، والبعض راهن علي الطبيعة العشائرية والقبلية في غزة وكأننا لم نشاهد هذا الصمود البطولي والرفض العام للتهجير والعدوان ..
والحقيقة أن غزة كأي مجتمع عربي، يمتزج فيها الدين بأطيافه ورجاله جهاديين وإخوان وناس عاديين، بالعشيرة والعائلة، بالتنظيمات السياسية المسلحة، بوجود العملاء لإسرائيل، بمن يناصرون السلطة في رام الله، برجال دحلان .. وهكذا .. تركيبة معقدة تذكرنا بالمشهد العراقي بعد سقوط صدام وحل الجيش العراقي، تركيبة ينبغي أن نقرأ عنها من دارسيها المحايدين والموضوعيين، دون أحكام مسبقة تنزه hماس أو تشيطنها، فحينما كانت تقاوم لم يكن ممكنا المزايدة عليها، وحينما تتعامل مع مواطنيها لابد وأن نتفهم حرصها علي الأمن والإنضباط وقطع دابر العملاء من جهة، دون الإفتئات علي حقوق الغزيين الأساسية أو إستخدام العنف غير المبرر أو المحاكمات خارج القانون من جهة أخري !