كتاب وشعراء

في تمامِ الخامسةِ….بقلم سليمان أحمد العوجي

فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَبْلَ تَقَاطُعِ مَوْعِدِهَا
مَعَ انْتِظَارِي بِأَمْتَارٍ قَلِيلَةٍ،
قَدْ تَرَاهُ هُنَاكَ يَحْرُسُ
نَاصِيَةَ الصُّدْفَةِ…
رُبَّمَا يَتَرَجَّلُ مِنْ صُورَتِهِ
لِيَتَأَسَّفَ،
لِأَنَّهُ أَخَذَ خَاتَمَ الخِطْبَةِ
مَعَهُ إِلَى المَوْتِ،
فَتَظُنُّهُ عَادَ…
وَيَظُنُّهَا مَاتَتْ…
وَتَصِيرُ حَبِيبَتَهُ،
وَلَا تَأْتِي…
فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَدْ تَدُوِّي صَافِرَاتُ الإِنْذَارِ،
وَفِي المَلْجَأِ القَرِيبِ
يَلْتَصِقُ جَسَدُهَا المُرْتَعِشُ
بِجَسَدِ ذَاكَ الخَائِفِ الوَسِيمِ،
فَتَظُنُّهُ…
وَيَظُنُّهَا…
وَتَصِيرُ حَبِيبَتَهُ،
وَلَا تَأْتِي…
فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَدْ يَضْرِبُ المَدِينَةَ زِلْزَالٌ،
وَتَسْقُطُ عَلَى رَأْسِهَا
نَافِذَةُ بَيْتٍ مَهْجُورٍ،
فَتَفْقِدُ الذَّاكِرَةَ،
وَتُخَرِّفُ العَنَاوِينُ،
وَتَذْهَبُ إِلَيْهِ،
وَلِأَنَّهَا تَظُنُّهُ…
وَلِأَنَّهُ يَظُنُّهَا…
تَصِيرُ حَبِيبَتَهُ،
وَلَا تَأْتِي…
فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَدْ تَتَعَثَّرُ بِفِكْرَةٍ عَمْيَاءَ
لِرَجُلٍ يَائِسٍ يَعْبُرُ الطَّرِيقَ،
فَيُكْسَرُ خَاطِرُهَا…
وَيُسْعِفُهَا ذَاكَ الثَّرِيُّ،
وَفِي عِنَايَتِهِ المُشَدَّدَةِ،
تَظُنُّهُ…
وَيَظُنُّهَا…
وَتَصِيرُ حَبِيبَتَهُ،
وَلَا تَأْتِي…
فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَدْ تَنْفُخُ الحَرْبُ فِي الصُّوَرِ،
وَتَقُومُ قِيَامَةُ البِلَادِ مِنْ جَدِيدٍ،
وَتَصِيرُ حَبِيبَةَ اللهِ،
وَلَا تَأْتِي…
فِي خَمْسِ دَقَائِقَ،
قَدْ يَكْذِبُ نَيْسَانُ،
وَيُشَاكِسُ الأَرْصَادَ الجَوِّيَّةَ،
وَفِي غَفْلَةٍ مِنْ حُرَّاسِ المَطَرِ
يَفْتَحُ الغَيْمُ عَنَابِرَهُ…
وَتَحْتَ مَظَلَّتِهِ
تَظُنُّهُ…
وَيَظُنُّهَا…
وَتَصِيرُ حَبِيبَتَهُ،
وَلَا تَأْتِي…
وَقَدْ تَأْتِي مُبَلَّلَةً مُرْتَجِفَةً،
كَنَهْرِ صَقِيعٍ يُحَنِّطُ الحُبَّ وَالجَرَيَانَ،
لِتَعْتَذِرَ…
لَا تَعْتَذِرِي…
فَفِي قَلْبِي جَمْرٌ يَكْفِي
لِسَبْعِ مُدُنٍ نَائِمَةٍ تَحْتَ الثَّلْجِ…
لَا… لَا، سَتَأْتِي…
بَعْدَ خَمْسِ دَقَائِقَ،
سَأَرْمِي بِصُرَّةِ كَوَابِيسِي
مِنْ شُبَّاكِ اليَقِينِ،
وَسَيَدُقُّ الأُنْسُ بَابِي…
هِيَ قَالَتْ:
“انْتَظِرْنِي فِي تَمَامِ الخَامِسَةِ.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى