هيّ كما كانت….بقلم فاضل عباس

هيّ كما كانت
قالت لها المرآة:
ـ كم امرأة أنتِ؟
فأجابت:
ـ بقدر ما كُسرتُ… بقدر ما وُلدتُ.
في الخارج، كانت المدينة تتهيّأ لموكبٍ لا يعرف إلى أين يذهب،
الطبول تدقّ ببطءٍ كأنها قلبٌ يوشك أن يعترف،
والنوافذ مفتوحة على رائحة المطر والخيانات المؤجلة.
هيّ تمشط شعرها بخيوط من الليل،
وتربط ضفيرتين على شكل سؤالين طويلين،
كأنها تقول: لن ينجو أحد من ذاكرة امرأة.
تتذكر طفولتها…
حين علّموها أن الحب مركب، وأن البحر طيّع،
لكنهم نسوا أن يخبروا البحر أنّه ليس جزءًا من الحكاية،
بل الحكاية كلّها.
في يدها زهرُ سوسنٍ أبيض،
وفي قلبها نارٌ لا تطفئها الكلمات.
تتقدّم إلى شرفتها، تفتح ذراعيها للريح،
وتنادي:
ـ أيها العابرون في قلبي،
خذوا ما شئتم من الرماد،
لكن اتركوا لي جمرةً أكتب بها اسمي من جديد.
في تلك اللحظة،
امتزج الليل بالبحر، والمرآة بالموج، والنساء بالظلال،
وصار اسمها لا يُقال…
بل يُسمع كصدى في الحكايات القديمة