د.محمود يونس يكتب : كيف يمكن أن يختفي السكري من النوع الثاني؟

قصة الدهون التي غزت الكبد والبنكرياس… ثم رحلت!
هل سمعت يومًا أن السكري من النوع الثاني يمكن عكسه؟
قد يبدو هذا الخبر مفاجئًا، لكن العلم اليوم يقول: نعم، يمكن!
وهذه هي القصة الحقيقية وراء ذلك..
🔹 البداية: حين تمتلئ الخزانات الخطأ بالدهون
تخيل أن جسمك مثل بيت فيه خزانات لتخزين الطاقة (الدهون).
عندما نأكل أكثر مما نحتاج، يبدأ الجسم في تخزين الفائض من الطاقة في هذه الخزانات.
لكن مع الوقت، تمتلئ الخزانات الآمنة (الدهون تحت الجلد)…
فيضطر الجسم إلى إخفاء الدهون الزائدة في أماكن لم تُخلق لذلك مثل الكبد والبنكرياس.
وهنا تبدأ المشكلة.
الكبد… أول من يتأذّى
عندما تتراكم الدهون داخل خلايا الكبد، يصبح الكبد كسولًا في عمله.
لا يستجيب للإنسولين كما يجب، فيبدأ بإطلاق السكر إلى الدم حتى لو لم نكن بحاجة إليه.
النتيجة؟
ترتفع مستويات السكر في الدم، ويضطر البنكرياس إلى إفراز المزيد من الإنسولين للتعويض.
لكن هذه الزيادة في الإنسولين لا تصلح المشكلة… بل تزيدها سوءًا!
لأن الإنسولين نفسه يجعل الكبد يُنتج مزيدًا من الدهون — وكأننا ندور في حلقة مفرغة.
البنكرياس… الضحية الثانية
الكبد المليء بالدهون لا يحتفظ بها لنفسه، بل يرسلها في الدم على هيئة جسيمات دهنية صغيرة.
هذه الجسيمات تصل إلى البنكرياس ( المصنع الصغير المسؤول عن إنتاج الإنسولين )
فتبدأ الدهون بالتراكم داخله أيضًا.
ومع الوقت، تتعب خلايا البنكرياس ولا تعود قادرة على إفراز الإنسولين بكفاءة.
عندها يبدأ السكري بالظهور… ليس لأن الجسم لا يملك الإنسولين، بل لأن خلاياه قد اختنقت بالدهون.
الخبر السعيد: يمكن عكس هذا المسار!
هنا جاءت دراسات العالم البريطاني روي تايلور من جامعة نيوكاسل لتقول شيئًا مذهلًا:
إذا استطعت أن تُفرّغ الكبد والبنكرياس من الدهون، يمكن أن تختفي أعراض السكري تمامًا.
في تجاربه، اتّبع المرضى نظامًا غذائيًا منخفض السعرات جدًا (حوالي 800 سعرة يوميًا) لأسابيع محدودة.
والنتيجة؟
خلال أسبوع واحد فقط، بدأت الدهون تختفي من الكبد، وعاد يستجيب للإنسولين بشكل طبيعي.
وخلال أسابيع قليلة، بدأ البنكرياس يستعيد نشاطه،
وتمكن كثير من المرضى من إيقاف أدوية السكري لأن السكر عاد طبيعيًا!
السر ليس في “الحرمان”، بل في “التحرير”
ليس الهدف أن تجوّع نفسك، بل أن تحرّر جسمك من الدهون الزائدة التي اختبأت في الأعضاء الحيوية.
يمكن تحقيق ذلك بطرق مختلفة:
* نظام غذائي منخفض السعرات أو الصيام المتقطع.
* تقليل النشويات المكررة والدهون المشبعة.
* ممارسة الرياضة المنتظمة، حتى المشي اليومي يساعد كثيرًا.
المهم أن تصل إلى وزن صحي يسمح لجسمك بالعودة إلى توازنه الطبيعي.
فكر بهذه الطريقة:
السكري ليس مرضًا مزمنًا بالضرورة،
بل هو حالة مؤقتة من اختلال التوازن في توزيع الدهون والطاقة.
وعندما تستعيد السيطرة على هذا التوازن، يمكن أن تستعيد حياتك الطبيعية دون أدوية.
جسمك يمتلك قدرة مذهلة على الشفاء إذا ساعدته.
فقط أَعْطِه الفرصة ليتنفس من جديد،
واترك له الوقت ليتخلّص من العبء الذي راكمته السنين.
حينها قد تفاجأ بأن السكري الذي ظننته دائمًا… لم يكن دائمًا بعد كل شيء.