الوردة الحمراء

الوردة الحمراء
نجاح الدروبي
ضجر سامر من منظر الوردة الحمراء التي تُزيِّنُ غرفته الصغيرة، فقد كانت اصطناعيَّة اشتراها بدراهم قليلة من بائع الزهور، ظاناً أنَّها تحمل له الأريج الفوَّاح.. ولمَّا يئس منها حملها ووضعها بين ورود الحديقة الغنَّاء التي تفوح عطراً فتداعبها قطرات الندى وتُبلِّل بتلاتها عند الصباح، ثمَّ عاد إلى المنزل آملاً أن تصير كالوردة الطبيعية في نقائها ورائحتها!
وهناك استقبل زميله إياداً بحفاوةٍ وترحيب؛ لكنَّ إياداً لم يُعجبه شيئٌ فقد كان ينظر بازدراء إلى المنزل المتواضع والأثاث البسيط الذي يراه لأوَّل مرَّة، وكان طوال فترة جلوسه يُحدِّثه عن غنى والده وما يملك من منزل كبير وأثاث فخم وغرف جميلة واسعة تتدلَّى فيها الستائر الحريرية على طول نوافذها وتكتسي أرضها بسجادٍ عجميّ، بينما تتزيَّنُ الخزائن والجدران والسقوف بالزخارف والتيجان الذهبيَّة، و..
قاطع سامر كلام زميله، وقال له:
-“ولكنني أتساءلُ يا صديقي عن أريج الحبِّ هل يعبق في منزلكم؟”.
دُهش إياد من سؤال زميله ولم يعِ مغزاه، بينما توجَّهت عيناه إلى والدة سامر التي رحَّبت به، وقدَّمت له كوباً من الحليب الطازج، ثم استأذنته على استحياء وذهبت لتتمَّ عملها.
أحسَّ سامر بالفخر أمام صديقه فوالدته طيبة، ونفسيَّتها بسيطة تستقبل رفيقه وكأنَّه ابنها.
بينما أسند إياد ظهره إلى خشبة الكرسي بتصنُّعٍ وكبرياء، وراح ينظر إلى الكوب بسخرية ويقول لسامر:
-“لو أتيت لمنزلي لقدَّمتُ لك الحليب في فنحان مزخرف بالنقوش الزاهية، موضوع على صُوانِيَّة غالية الثمن!”.
شعر سامر بالضيق من انتقادات زميله، وضجر من الوقت الذي يقضيه معه، واحتار فيما يقول له.. وبعد فترة من الصمت قرَّر إياد أن يُغادر المكان.
فرح سامر كثيراً لكنَّه حاول كبت شعوره، وقاد زميله إلى مكان الخروج.
اجتاز كلٌّ منهما الدهليز الضَّيِّق، وذهبا باتجاه الحديقة الصغيرة التي تُحيط بالمنزل، فإذا بإياد يقف فجأةً وينظر إلى الورود في الحديقة.
ظنَّ سامر أنَّ الأزهار الفوَّاحة التي تخضلُّ بقطرات الندى، وتطير فوقها الفراشات الملوَّنة هي التي استوقفت صديقه المغرور؛ ولم يكن يعلم أنَّ الوردة الاصطناعية هي التي جذبت أنظاره فقد اتَّجه نحوها وحملها بإعجاب وكأنَّه يراها أجمل ما في المنزل، حتَّى إنَّ فرحته تضاعفت عندما سمع سامر يقول له:
-“خذها يا صديقي فهي مثلك!”.
فأخذها وذهب والضحكة لا تُفارقه.







