مُذَكَّرَاتُ النَّارِ الْأَزَلِيَّةِ…بقلم حيدر البرهان

أَنَا الْحَرِّيفُ الَّذِي يَنْسَجُ الْوَقْتَ مِنْ قَصَبِ الْأَنْفَاسِ
عِنْدَمَا تَنْزِلُ الْأَفْكَارُ كَالنَّدَى عَلَى مِرْآةِ الْقَلْبِ
تَتَحَوَّلُ الْكَلِمَاتُ إِلَى جَنَادِلَ مُقَدَّسَةٍ تُضِيءُ مَسَارَاتِ الْغَيْبِ
هَذِهِ هِيَ رِقَّةُ الْأَسْطُرْلَابِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْعَاشِقِينَ
حَيْثُ تُرَقِّصُ الْأَرْحَامُ الْأُولَى أَجْسَادَنَا عَلَى نَغَمَاتِ الْخَلِيقَةِ
—
سِحْرُ الْأَرْكَانِ السَّبْعَةِ بِلُغَةِ الْمَعَانِي:
-الْعَمَلُ-
هُوَ صَهِيلُ الْفَرَسِ الْأَبْيَضِ فِي سَاحَةِ الْفَجْرِ
سَيْفٌ مِنْ ضَوْءٍ يَقْطَعُ حِبَالَ الْكَسَلِ
وَيَنْحَتُ مِنْ صَخْرِ الْأَيَّامِ تِمْثَالَ الْخُلُودِ
-التَّضْحِيَةُ-
رَقْصَةُ الْعُودِ وَهُوَ يُحْرَقُ لِتُولَدَ مِنْ رَمَادِهِ نَغْمَةُ الْجَمَالِ
أَنْ تُقَدِّمَ جُزْءاً مِنْ نَبْضِكَ لِتَحْيَا الْكُلُّ
كَالشَّمْعِ لَا يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ بَلْ يُضِيءُ دَرْبَ الْقَافِلَةِ
-الصُّعُوبَاتُ-
هِيَ الْيَدُ الْخَفِيَّةُ الَّتِي تُصَقِّلُ أَلْمَاسَ الرُّوحِ
غِيمَةٌ سَوْدَاءُ تَحْمِلُ فِي جَوْفِهَا بُذُورَ الْقُدْرَةِ
لَوْلَا الْعَوَاصِفُ لَمَا تَعَلَّمَتِ الْأَشْجَارُ قِطْفَ النُّجُومِ
-الْإِيمَانُ-
سَفِينَةُ الْقَصْدِ فِي مُحِيطِ الْغَيْبِ
مِجْذَافُهَا مِنْ نُورٍ وَشِرَاعُهَا مِنْ يَقِينٍ
هُوَ أَنْ تُحَاوِرَ الْجَبَلَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ فِي صَمْتِهِ إِجَابَاتِ الْقَدَرِ
-الصَّبْرُ-
نَهْرٌ يُغَنِّي لِلْبَحْرِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يَصِلَ إِلَّا بَعْدَ آلافِ الْكِيلُومِتَرَاتِ
هُوَ فَنُّ اسْتِقْبَالِ الْجُرُوحِ كَوُرُودٍ
وَطَرْحُ الْأَسْئِلَةِ عَلَى مِحْوَرِ الزَّمَنِ دُونَ انْتِظَارِ جَوَابٍ
-الشَّغَفُ-
نَارُ الْأَصَالَةِ الَّتِي تَأْكُلُ الْحِجَابَ بَيْنَ الْعَاشِقِ وَالْمَعْشُوقِ
هُوَ أَنْ تَرَى الْوَرَدَةَ فِي قَلْبِ الْجَمْرَةِ
وَأَنْ تَسْمَعَ صَوْتَ الْكَائِنَاتِ وَهِيَ تُسَبِّحُ بِاسْمِ مَوْلَاهَا
-الْقَنَاعَةُ-
هِيَ الْكَنْزُ الَّذِي لَا يَسْرِقُهُ اللِّصُّ
بَحْرٌ مِنَ الْعَطَاءِ بِلَا شَاطِئَ
أَنْ تَكُونَ مَلِكاً وَأَنْتَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ بَسَاطَةٍ
كَزَهْرَةِ اللُّوْتُسِ تَطْفُو عَلَى الْمَاءِ وَلَا تَبْتَلُّ
—
خَاتِمَةُ الْهُدُوءِ الْعُظْمَى
هَذِهِ الْحِكَايَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَاتٍ
بَلْ هِيَ مَعْمَلُ الْأَنْفُسِ الَّذِي يُحَوِّلُ الْحُلْمَ إِلَى ذَهَبٍ
وَالصَّمْتَ إِلَى بُحُورٍ مِنَ الْمَعْنَى
فَاصْنَعْ مِنْ قَلْبِكَ مِفْتَاحاً
وَادْخُلْ بِهِ إِلَى مَمْلَكَةِ نَفْسِكَ
فَتُدْرِكَ أَنَّ السَّعَادَةَ لَمْ تَكُنْ قَطُّ وَصْفَةً
بَلْ هِيَ لُغَةٌ قَدِيمَةٌ نَسِينَهَا فِي زَحْمَةِ الْأَصْوَاتِ
سَلَامٌ عَلَى الْقُلُوبِ الَّتِي تَسْمَعُ صَوْتَ النُّورِ
وَسَلَامٌ عَلَى الْأَنْفُسِ الَّتِي تَرْقُبُ الْغَيْبَ
كَمَا تَرْقُبُ الْبُذْرَةُ أَمْطَارَ الرَّبِيعِ..







