رؤي ومقالات

د مجدى ماجد يكتب :مصر تقترب من نادي العشرين اقتصاديًا: إنجاز عالمي وتحديات محلية”

أعلنت بيانات عالمية أن مصر حقّقت قفزة نوعية في ترتيبها الاقتصادي، إذ بات اقتصادها يحتل المرتبة الثامنة عشرة على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي وفق معيار تعادل القوة الشرائية (PPP) لعام 2025. ويُشكل الاقتصاد المصري نحو 1.14 ٪ من الناتج العالمي، كما يشكّل بذلك ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد المملكة العربية السعودية.

دلالات الإرتفاع:
**
– هذا التقدّم يأتي في سياق التحولات الاقتصادية العميقة التي تشهدها مصر، والتي شملت برامج إصلاحية متعددة، سياسات نقدية ومالية، واستقطاب استثمارات.
– احتلال المرتبة 18 يعكس أن حجم الاقتصاد المصري – على الأقل وفق مقياس تعادل القوة الشرائية الذي يأخذ في الاعتبار مستويات الأسعار وقوة الشراء المحلي – أصبح من بين الاقتصادات الكبرى دولياً، وهو ما يعزّز مكانة مصر على الخريطة الاقتصادية الإقليمية والدولية.
– من منظور عربي، الأمر يصبح مؤشّراً بأن مصر تمثّل قوة اقتصادية مهمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتغطّي أكثر من مجرد سوق محلي أو إقليمي محدود.

ولكن… الواقع ليس وروداً بلا شوك :
*
رغم هذه الإشارة الإيجابية، فإنّ عدداً من التحديات ما زالت تواجه الاقتصاد المصري، وتضع حدّاً أمام تحويل الحجم الاقتصادي إلى تنمية شاملة ومستدامة:
– النمو الحقيقي للاقتصاد ظلّ متواضعاً، إذ توقّع صندوق النقد الدولي أن يصل نمو الناتج المحلي الحقيقي إلى نحو 4.1–4.5 ٪ في السنوات القليلة المقبلة.
– البطالة وسوق العمل غير الرسمي ما زالا يمثلان تحدياً بارزاً؛ فالنسب الرسمية لا تغطي حجم العمالة التي تعمل خارج الإطار المؤسسي، ما يستدعي جهداً إضافياً لتوسيع الحماية الاجتماعية وتحسين جودة التوظيف.
– هيكلة الاقتصاد ومواجهة الاعتماد المفرط على قطاعات معيّنة أو تمويل خارجي تتطلّب مواصلة الإصلاحات، وتحسين بيئة الاستثمار، والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي.

ماذا يعني هذا التصنيف للمواطن والاقتصاد؟
*
– إن وصول مصر إلى حجم اقتصادي كبير يشير إلى أن لديها قاعدة إنتاج، سوق، موارد بشرية وإمكانات استثمارية يمكن تنميتها. لكن الحجم وحده ليس كافياً.
– يجب أن يُترجم هذا الحجم إلى فرص عمل، ارتفاع في مستوى المعيشة، تحسين الخدمات، وتنمية إقليمية متوازنة.
– التصنيف أيضاً يمنح مصر أولوية أكبر لدى شركاء الاستثمار والمؤسسات المالية الدولية، ويمنحها قدرة تفاوض أكبر في إطار الاقتصاد العالمي.

أخيرا :
*
الاقتصاد المصري اليوم يقف في مفترق مهم: من جهة، هناك دفعة إيجابية تجسّدها المرتبة العالمية الجديدة، ومن جهة أخرى، هناك تحديات كبرى تواجه بتحقيق تنمية حقيقية وشاملة. إن تحوّل هذا الإنجاز إلى منفعة ملموسة للمواطن وللأجيال القادمة، يتطلّب التزاماً حقيقياً بالإصلاحات، وتعزيز الحوكمة، وتركيزاً على الجودة لا الكمية فحسب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى