غير مصنف

الأديبة المبدعة ريني فالنتينا.. تُحوِّل الحزن إلى رؤى مزهرة والألم إلى حياة متوهجة

الأديبة المبدعة ريني فالنتينا.. تُحوِّل الحزن إلى رؤى مزهرة والألم إلى حياة متوهجة

نجاح الدروبي

شاعرة ورديَّة قد جعلت من دفء الأمومة عنواناً لأشعارها، وعملت على جمع الإنسانية رغم كل المسافات الفاصلة، جاعلةً كلَّ الرؤى مزهرة، عندما رسمت على قسمات وجهها أحلامها ونقشت صورتها في الذاكرة الشعبية.. فأنشدت مُؤَنْسِنَةً القمر:
أين ابتسامة القمر؟
يخفق قلبي دهشةً
لم تكن رؤية القمر دائرية
سطح جوانبه يصطدم بجاذبية الأرض
وأخيراً، ارتسمت على وجهي فكرةٌ واضحة.
كان القمر حزيناً…
لم أكن أعرف أين حلاوة ابتسامته
هل غيّرتها العاصفة الشمسية…؟
أغرقت الشاعرة ريني فالنتينا شعرها في بحر عاطفتها الجياشة وتأملاتها العميقة، وأضاءت من حزنها فوانيساً لأخيلتها، فأتى شعرها صادقاً ينطلق من صدرها الحزين ليصبَّ في كلماتها وصورها حيث أنشدت:
-(تدفق الحليب الأبيض بسلاسة
بدأتُ أفهم عندما وُلد ابني ذلك المساء
تماماً كصوت الليل يُنادي النجوم في السماء السوداء
كان لصوت ندائه نفس نبرة بكائه الجائع بعد تسعة أشهر في رحمي.
كان صوته شجياً، يتوسَّل ماءً أبيض، سائلاً بطعم الجنة، ليروي عطشه ويحمرّ شفتيه).
ومع ذلك فهذا الحزن كان جداول شلال من الإبداع والعطاء جعلتنا نرشف دمعةً من عين عاطفتها الدافئة، إذ اعتبرت ابنها مصدر غذاء روحيٍّ ومعنويٍّ لها يمدُّها بالقوة والطاقة نظراً لصبره وتحمُّله قائلةً:
-(إنه جيل قوتي، سيتحمَّل همس الجبال الممتدَّة عبر الأرض بتلالها الجميلة.
إنه جيلي، سيواصل القوة العظيمة التي غرستها في صدري، المكان الجديد الذي سيعيش فيه طفلي حياةً صعبةً تتطلب سوائل بيضاء دافئة.
إنه حليب أمه من ثديها، مكان جديد سيحمل فيه طفلي ملايين الآمال إلى عالمٍ غامض).
و”ريني فالنتينا” كلما غاصت في تضحيتها وعطائها انبثق في قلبها فجرٌ لا يوقظ العيون فقط، بل يوقظ اليقين.. ذاك المعنى الذي لايراه أحدٌ إلا الشاعرة المحبوبة التي زرعت على أفواهنا طيف أسئلة وجعلتنا نحاورها في فسحة أدب وشعر وتجربة واقعية كاملة:
*حبذا لو تُقدِّمين للقرَّاء بطاقة تعريف بك؟
-أنا ريني آسيه ساسامي.. اسمي المستعار: ريني فالنتينا من إندونيسيا.. أشغل منصب مؤسِّس ورئيس رابطة كتاب آسيه ساسامي إندونيسيا العالميين… كاتبة، مؤلفة، شاعرة، محرِّرة، ومترجمة، ومنذ أن كنت يافعة استمتعت بكتابة الشعر والقصص القصيرة.
من المحتمل أنَّ والديَّ شجعا أطفالهما على القراءة منذ سنٍّ مبكرة، لذا ألهمتني هذه الهواية خيالاً خصباً، ما جعلني أكتب في النهاية الشعر والقصص الخيالية والرومانسية.
ومع ذلك، ولأنني كنت مشغولة بدراستي، لم أعد أستطيع التركيز على الكتابة، ثم توقَّفتْ جميع أنشطتي الكتابية تماماً لأنني أصبحت أمَّاً لطفل مصاب بمتلازمة داون.
*تنوَّعت موضوعاتك الشعرية وتعدَّدت نتيجة تماهيك مع الوجدان المطلق.. ما ردُّكِ؟
-عند الكتابة، وخاصة الشعر، قدَّمت موضوعات مختلفة عن حبِّ الطبيعة والإنسانية، والحبِّ الرومانسي.
بالنسبة لي، من دواعي سروري أن أكون قادرةً على نقل مشاعري أو أفكاري من خلال الكتابة. هناك العديد من الفرص لمشاركة إخواني البشر والعالم أجمع فكرة تقول: إنَّ الحبَّ والاحترام المتبادلين هما مظهران من مظاهر الإيمان بالله.
للأسف، يكره الكثير من الناس بعضهم البعض أحياناً لمجرد الاختلافات في الدين أو السياسة أو لون البشرة.. إلخ، ومع ذلك فقد تمكَّن الشعر من أن يصبح جسراً استثنائياً للسلام العالمي.
*انقطعت عن التأليف فترة لكن الكتابة ظلت شغلك الشاغل.. ما الإصدارات المنشورة؟
-نعم، لكن في النهاية عدت إلى الكتابة عام 2018، وقد نُشر كتابي الأول في مايو الماضي، بعد كتب أخرى نشرتها على أمازون كيندل ودار النشر فرحة بوستاكا وحرفة كرييتف.
ليس لدي أي أحلام كبيرة أو أن أصبح مُحرِّرة أو مؤلِّفة أو حتى مُنسِّقة لعشرات المختارات الدولية. حلمت فقط بأن أصبح مترجمة. لكن الله عجيب حقاً، لأنَّ كل ما حقَّقته حتى الآن هو بفضل رحمته..
يبلغ عدد إصداراتي ٢٥ كتاباً أذكر منهم: (ظلِّ القمر، الشوق، وعد الأصابع، همس الحب، قلبي في الشعر يحلم بك- الأمازون).
*ماهدفك ككاتبة؟؟
-ككاتبة، لدي هدف آخر بعد انخراطي في عالم محو الأمية العالمي لفترة طويلة، أريد أن أقدِّم لغتي الأم، الإندونيسية، حيث ولدت وترعرعت.
*ما رأيك حول اللغة الأم المرتبطة بالثقافة والفن والسلام العالمي:
-اللغة الأم هي أول لغة يتعلمها الشخص منذ الطفولة من بيئته العائلية وتصبح أساساً للتواصل وفهم العالم. في السياق الإندونيسي، يمكن أن تكون كل من اللغات الوطنية والإقليمية لغات أم، لأنها تلعب دوراً مهماً كتراث ثقافي وهوية وطنية ونافذة لفهم الحضارة، بالنظر إلى أن إندونيسيا بها مئات المجموعات العرقية، وبشكل تلقائي، يوجد في إندونيسيا مئات اللغات الأم اعتماداً على أصولها، بحيث تكون اللغة التي يمكنها ربط اللغات الإقليمية لتسهيل التواصل هي اللغة الإندونيسية. لذلك يمكن الاستنتاج أن الإندونيسية هي اللغة الأم للشعب الإندونيسي، وفي الوقت نفسه هي اللغة الموحدة للشعب الإندونيسي.
*للتطورات التكنولوجية الكبيرة آثار سلبية على اللغة الأم.. ما هي؟
-تتسبَّب التطورات التكنولوجيَّة الكبيرة في انقراض اللغات الأم ببطء، حيث يميل الجيل الأصغر إلى أن يكون أكثر طلاقة في اللغة الوطنية أو حتى في اللغات الأجنبية للتطبيقات العلمية.
العديد من اللغات الإقليمية في إندونيسيا مهدَّدة بالانقراض لأن الجيل الأصغر يميل إلى أن يكون أكثر طلاقة في اللغة الوطنية أو اللغات الأجنبية، ولم يعد يستخدم اللغة الإقليمية في المنزل وفي البيئات الاجتماعية.
يجب على الحكومة والأكاديميين والمجتمعات الثقافية والجمهور أن يلعبوا دوراً فعَّالاً في الحفاظ على اللغات الأم من خلال التعليم القائم على اللغة الإقليمية، واستخدام التكنولوجيا الرقمية للمحتوى التعليمي، والسياسات المحلية.
وهذا يثير أسئلة مختلفة.
*ما دور اللغة الأم في الفن والثقافة ومحو الأمية، وفي تحقيق السلام العالمي؟
-تكمن الإجابة في كيفية استخدامنا للغة، إذ ذكر أرسطو أنَّ اللغة هي قدرة الإنسان على التواصل مع البشر الآخرين. وبشكل عام، نظر أرسطو إلى اللغة كأداة أساسية للبشر: البحث عن الحقيقة، والمساعدة في كشف الحقيقة وفهمها، والتأثير على الآخرين.
يمكن استخدام وظائف اللغة وفقاً لأرسطو وشخصيات أخرى كدليل لفهم فائدة اللغة. بعبارة أخرى، ليست اللغة مجرد وسيلة للتواصل، بل لها أيضاً العديد من الوظائف الأخرى التي لها تأثير كبير على حياة الإنسان، وخاصة في تحقيق السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى