رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :وطن كمشروع حريق

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

لا يمكن فهم أن شعباً يعيش تحت سلطة هؤلاء لسنوات ويظل عاقلاً؟ إن تهديد شخص بحرق منزله في كل مرة قد يقوده الى مصح عقلي او انهيار عصبي، فكيف التهديد بحرق وطن؟
التهديد بفتح أبواب الجحيم أو جهنم صار من الطقوس والتقاليد السياسية للتخويف والردع وحشد الاتباع وهو عمل عدواني وسلوك ارهابي بحرق شعب لكن في العراق هناك ادمان على هذا النوع من الطقوس وربما تعتبر من علامات القوة والمرجلة.
كلما غضب سياسي عراقي، هدد بحرق العراق، وفتح أبواب جهنم مع أنها مفتوحة قبل أن نفتح عيوننا بقرون، كما لو أن هذا ليس وطناً بل علبة صفيح، أو كازينو قمار يهدد الخاسر بحرقه، أو زبائن حانة أو كازينو يهدد سكران بحرقها.
كان صدام حسين يزغرد لسنوات إن من يستلم العراق يستلم أرضاً بلا شعب،
وقد تحقق هذا التهديد إلى حد ما،
فشرط الأرض هو السيادة الكاملة واستقلال القرار ومُلكية الثروة،
وليس هذا الوطن المفتوح الساقين للغزاة والبغاة والطغاة.
هدد المالكي يوماً بفتح أبواب جهنم، لو مُست شعرة منه كما لو أننا نعيش في فردوس، وليس في جحيم أرضي من صنع بشري، حرق وطن مقابل شعرة؟
في عام 2007: قال المالكي إن إسقاط حكومته خارج الأطر الديمقراطية “سيفتح أبواب جهنم على الجميع”.
في عام 2014: في خضم الأزمة السياسية التي أحاطت بترشحه لولاية ثالثة، حذر المالكي من أن أي محاولة “غير دستورية” لتشكيل حكومة جديدة أو أي تدخل خارجي “ستفتح أبواب جهنم في البلاد”.
مرة كنت مارا في شارع في النرويج ووجدت مظاهرة صاخبة وسألت عن السبب قالوا لي إن البلدية تحاول قطع شجرة قديمة،
ولأني قادم من بلد تقلع فيه الأشجار والرؤوس والأحلام والمدن ، قلت:
” وما هي المشكلة؟”
جاءني جواب من عجوز تمسك بكلب:
” هذه جزء من ذاكرتنا”
قلت مع نفسي انني قادم من زمن منقرض وهبطت على كوكب بشري مختلف ثم رحت افتش في ذاكرتي عن امكنة واشخاص فوجدتها ازيلت او ماتوا في حروب او سجون او الوحدة والوجع.
هدد صالح المطلك حدائقي القصور الرئاسية في النظام السابق ونائب رئيس وزراء يوما في النظام الحالي “بقيامة” تطيح بالجميع لو تعرض له أحد عند محاولة التحقيق معه حول مخصصات المهجرين المسروقة في العراق في مخيمات يوم كان رئيس اللجنة.
لا ندري ما هو تعريفه ليوم القيامة وهي مستمرة؟
حتى عزة الدوري إنضم يوما الى فاتحي أبواب القيامة عندما هدد بفتح أبوابها إذا لم يتم رفع الحظر عن الحزب مع أن هذا الحظر كان موجوداً
في زمن صدام حسين من مجزرة قاعة الخلد في الحفل الدموي للرفاق يوم اختزله بعشيرة وعائلة وأخيراً بشخص وصار الحزب ديكوراً وجهازاً أمنياً.
وهل ننسى تهديد البارزاني المتكرر عن فتح أبواب جهنم إذا اقترب” العراقيون” من كركوك المكسيكية؟
حتى ابراهيم الجعفري هدد يوماً بخروج المارد من القمقم وكسر الزجاجة لو ” تهدد مصيرنا”
مع أننا بلا مصير ولا بطيخ ولا مستقبل، والعدو صار يوماً يفتش في غرف النوم ويلعب يوغا في الحمام والصالة والقواعد العسكرية الـــــ 12 في العراق عبارة عن مدن أمريكية مغلقة سيولد فيها جيل أمريكي يطالب بحق المواطنة؟
وماذا لو حرن المارد ورفض الخروج من الزجاجة؟
ماذا لو نام ونسي مصيرنا؟ في النهاية اشترى الجعفري مقاطعة ترفع بحاجز ب 5 مليون جنيه استرليني في شارع السلمون في ضواحي لندن الشاعرية SALIMON SITRETT ـــــ 99 ــــ 105.
والمفارقة أن سمك السلمون يعود الى الموطن الأم عكس التيار عندما يشعر بقرب الأجل.
لم نعد نفهم مفاتيح الجحيم في يد من؟ هل كان هؤلاء يستطيعون في أي بلد التهديد بحرق منزل أو قلع شجرة أو هدم مبولة عمومية، دون أن يتم القبض عليهم كمعتوهين؟
هؤلاء لا يحترمون هذا الشعب فحسب بل يحتقرونه، وعلى اختلاف الاسماء والمراحل والأشخاص يبدو اننا في مرعى والناس حيوانات ولم يبق غير ان يفتحوا لنا باب الحظيرة في الصباح لنذهب للعمل في الوطن ـــ المرعى، ونعود في المساء مع القطيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock