كتاب وشعراء

لا للوداع …بقلم د. مصطفي عبد المؤمن

لا للوداع…
فأنا ما زلتُ أرتجفُ كلّما فكّرتُ أنك قد تغلقى وراءك الباب،
وتتركيني وحيدا في غرفةٍ كانت تتنفّس عليكى،
وتنطفئُ الآن كقنديلٍ نُزِع منه الزيت.
كيف تريديني أن أُصفّق لرحيلك
وأنت أكثرُ الأشياء رسوخًا في فوضاي؟
كيف أسمحُ لخطواتك أن تُغادر
وهي التي كانت تعلّمني معنى العودة؟
يا امراة
إن خرجتَى…
تتدلّى روحي من سقف جسدي،
وتصيرُ الأيامُ طريقًا طويلًا
يمشي عليّ كلّما نسيتُ صوتك.
أتعرفى ما الوداع؟
هو أن أراكى تتَّجهى نحو آخر الرواق
كأنك تسحبُى خلفك شريطًا من ضوئي،
وتتركيني أعدُّ أنفاسي الناقصة،
وأمسحُ من على كتفي بردًا
لم أعرفه إلا في غيابك.
أنا لا أخاف من النهاية،
بل من تلك اللحظة المسروقة
التي تلتفتُى فيها بنصف ابتسامة،
فأعرف أن كل شيءٍ بعدها
لن يكون كما كان قبلك.
لا للوداع…
سأقبضُ على طرف قميصك
كما تقبض الأرملة على آخر رسالة،
سأخاصم الطريق،
وأشتم المسافات،
وأقول للباب:
إن انفتحَ عليكى أن يعود بكي إليا.
ابقَ…
فقلبي يتشققُ من الحزن كما يتشقق الخشب من الملح،
وليس في وسعي أن أكون شجاعًا
وأنا أراك تتباعدين
كأنك تُطفاي مدينةً كاملةً خلفك.
ابقَ…
كي لا أكتشف وحدي
أن العالم بلا صوتك
يشبه مقبرةً بلا أسماء،
وأن الوداع
ليس كلمةً…
بل طعنةٌ فيها صوتُك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى