رؤي ومقالات

علي الحفناوي يكتب :يابانى عاش بين العرب أربعين سنة

يابانى
عاش بين العرب أربعين سنة، يجالسهم في المقاهي ، يزور قراهم ومدنهم، يراقبهم في الشوارع والجامعات والإدارات، ثم يكتب عنهم بصدق ودهشة، لا بحقد ولا بغرض. اسمه نوبواكي نوتوهارا، صاحب كتاب “العرب من وجهة نظر يابانية”، الذي لخّص فيه انطباعاته الصادقة ودهشته من هذا المزيج الغريب بين الإيمان العميق والفساد العميق!
وكشف فيه عن تناقضات جوهرية نعيشها يوميًا :
1. تناقض الدين والأخلاق
– لاحظ نوتوهارا أن العربي يرفع شعار الدين في كل حديث، لكنه يدهس القيم في أول امتحان.!
يُصلي في المسجد و يلعن الظلم في خطبة الجمعة، ويمارسه في أول فرصة عمل !
يتعجب الياباني كيف يمكن لشعوبٍ تمجّد الدين ليل نهار أن تفسد بهذه الجرأة !
يقول في كتابه :
“العرب متدينون جداً.. وفاسدون جداً! الدين أهم ما يُعلَّم، لكنه لم يمنع الفساد وتدني قيمة الاحترام”.
جملة واحدة اختصرت مأساة حضارة بكاملها ..
– هناك اعتقاد لدى العرب بأن الدين أعطى كل العلم، مما جعل العرب يكتفون باستعادة حقائق الماضي، بينما المجتمعات المتقدمة تُضيف حقائق جديدة.
يقول نوتوهارا :
“مشكلة العرب أنهم يعتقدون أن الدين أعطاهم كل العلم ! عرفت شخصا لمدة عشرين عاما، ولم يكن يقرأ إلا القرآن. بقي هو ذاته، ولم يتغير”
“في اليابان — يقول — نضيف حقائق جديدة كل يوم،
أما العربي، فيكتفي بإعادة تكرار ما اكتشفه أجداده من حقائق قبل ألف عام”!
ولاحظ نوتوهارا أن سلوك الإنسان العربي، محكوم دائماً بمفهومي الحلال والحرام وليس بمفهوم الصواب و الخطأ، وكذلك مفهوم الشرف والعار يسيطران على مفهوم الثقة في مجالات واسعة من الحياة.
يقول في كتابه :
“لكي نفهم سلوك الإنسان العربي العادي، علينا أن ننتبه دوما لمفهومي الحلال والحرام”
2. أزمة السلطة والوعي الجمعي
– صراع على الغنيمة : مما لاحظه أيضا في بلاد العرب أن الزعماء يتنازعون على الكرسي باسم الوطن، والناس تتناحر على الفتات باسم الشرف..
ويتعجب “نوتوهارا” أيضا كيف أن الحاكم في بلاد العرب يُقدَّس كأنه إله، وأن الكاتب لا يكتب ليقول الحقيقة بل ليُمجّد السلطة!
“نوبواكي نوتوهارا” لم يفهم كيف يمكن للكاتب أن يمدح السلطة وهو يقرأ عن الحرية !
يقول بإستغراب :
“عقولنا في اليابان عاجزة عن فهم أن يمدح الكاتب السلطة أو أحد أفراد السلطة. هذا غير موجود لدينا على الإطلاق. نحن نستغرب ظاهرة مديح الحاكم، كما نستغرب رفع صوره في أوضاع مختلفة كأنه نجم سينمائي. باختصار، نحن لا نفهم علاقة الكُتّاب العرب بحكوماتهم”
– القمع يبدأ في البيت : الرجل العربي في بيته فرعون، وفي الشارع تابعٌ ذليل! ..
يصرخ على أبنائه لأنه لا يستطيع أن يهمس في وجه حكامه ومرؤوسيه! يعيش بين صورتين متناقضتين من الزيف، تتنازعان عقله وقلبه.
يقول نوتوهارا :
“الرجل العربي في البيت يلح على تعظيم قيمته، ورفعها إلى السيطرة والزعامة. وفي الحياة العامة، يتصرف وفق ميزاته وقدراته ونوع عمله. هذان الشكلان المتناقضان ينتج عنهما غالبا أنواع شتى من الرياء والخداع والنفاق” ..
– انعدام المسؤولية : العربي يدمّر الممتلكات العامة وهو يضحك، لأنه يظنها ممتلكات الحكومة، لا ممتلكاته الخاصة!. انعدام حس المسؤولية طاغ في مجتمعاتهم
كما أنهم يضحون بالشرفاء و المصلحون الذين ضحوا من أجلهم.
يقول نوتوهارا :
“سجناء الرأي وسياسية في البلاد العربية ضحوا من أجل الشعب، ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الشجعان”
3. مجتمعات تحت التوتر
– لاحظ نوتوهارا أن الشعوب العربية متوترة للغاية و تبدوا عليها ملامح العدوانية وهي سمة عامة وكأن الناس خرجوا من معركة لم تنتهِ بعد!
يقول : “الشعور بالإختناق والتوتر سمة عامة للمجتمعات العربية. توتر شديد ونظرات عدوانية تملأ الشوارع”
– ومما لاحظه أيضا أن : “المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد، لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أفكارهم وملابسهم”
ثم يتساءل الياباني بدهشة : “أستغرب لماذا تُستعمل كلمة ديمقراطية كثيراً عند العرب!”
ويقول أيضا :
“العرب من أكثر الشعوب التي مورست عليهم العنصرية، ومع هذا فقد شعرت عميقا أنهم يمارسونها ضد بعضهم البعض”
خلاصةصادمة
نوتوهارا يرى أن الحكومة لا تعامل الناس بجدية، بل تسخر منهم وتضحك عليهم. ورغم كل هذا النقد القاسي، يرى اليابانيون أن ضيافة العرب فريدة!
يقول نوتوهارا في النهاية :
“العرب طيبون.. لكنهم يعيشون في أنظمة تقتل فيهم الطيبة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى