كتاب وشعراء

لن أصطحبك معي…زكريا شيخ أحمد / سوريا

لن أصطحبك معي…
ليس لأن الطريق ضيّق
و لا لأن قلبي تعوّد أن يمشي وحيداً
و لكن لأن الوحدة صارت تعرفني أكثر منك
و تفتح لي بابها
من دون أن تسألني: إلى أين؟
أو لماذا تأخرت؟

أنا رجلٌ يعتاد على الصمت
كما يعتاد الجرحُ على شكله
و كل خطوةٍ أقطعها
تشبه ورقةً تسقط من كتابٍ لم يكتمل.
أحياناً أصدق أنني بخير
ثم يمرّ طيفٌ أو غيمة أو مقعدٌ فارغ
فيصير الليلُ ثقيلاً على كتفي
كأنه يريد أن ينهار في صدري.

لهذا…
إن أردتَ أن تمشي معي
فعليك أن تكون أهدأ من خوفٍ يتنهّد
و أصدقَ من ظلٍّ لا يخون صاحبه
حين يبتعد الضوء.
عليك أن تعرف
أنّ الطريق ليس طريقاً دائماً
و أن الخطوة ليست وعداً
و أن القلب لا يمنح مفاتيحه
لمن يطرق بعنف.

أنا لا أبحث عن رفيق،
انا أبحث عن أحدٍ إذا جلس بجانبي
لم يحاول أن يشرح لي معنى الركض
و إذا نظر في وجهي
لم يسألني لماذا أتعبتني السماء.
أريد أحداً
يشبه مقعداً نجا من الحريق…
لا يزال دافئاً
رغم أنّ كل شيءٍ حوله احترق.

إن استطعتَ أن تجعل وحدتي
تتردد لحظةً قبل أن تختارني،
إنْ استطعت أن تهدّئ ذلك الضجيج
الذي يصرخ في صدري من دون صوت،
إن استطعت أن تمنح الليل نافذة
تطلّ على شيءٍ غير العتمة…
فسأمشي معك.
و سأقول للريح
إن قلبي ليس غريباً بعد الآن.

أما إنْ جئتَ خائفاً
تبحث في كتفي عن ملجأ
أو في قلبي عن سكنٍ مؤقت
فسأسلّمك للطريق
و أسير وحدي.
فأنا رغم كل هذا الانكسار
أعرِفُ أنّ الوحدة
أحياناً أقلّ قسوة
من رفيقٍ لا يعرف كيف يرافق.

لا أريد معجزة
و لا يداً تشبه قيوداً
و لا صوتاً يكرر ما أعرفه.
أريد فقط حضوراً
يستطيع أن يقف أمام وحدتي
من دون أن يرتجف.

حينها فقط…
سأدعك تمشي بجانبي
و سأفتح لك قلبي
كما تُفتح نافذة
كانت تختنق
و تبحث عن هواء أخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى