صدى الغياب …..بقلم منال عبد المنعم

قيل إن شيئا مر من هنا، لم يكن حضورا، ولا غيابا، بل موجة من دفءٍ اخترقت القلب دون أن تلمس شيئا، موجة لم تترك أثرا على الأشياء، بل على الهواء بين الأشياء، وعلى مالم يُسمى بعد.
يُقالُ إنه كان شاعِرًا، لكنه كان أيضا ضوءا واهتزازا، كأن الزمن نفسه تنحى ليمر به.
وذكرت بعض الروايات أن المكان الذي اجتاحه هذا الحضور لم يكن يُرى، ولم يكن يُشعر به أحد.
لكن شيئا داخليا
-وكجزء من حلم لم يُحفظ بعد الاستيقاظ-
عرفه فورا دون أن يسأل عن اسمه.
وكل خطوة وكل نفس وكل صمتٍ تركه يجد أنينهُ كما تجدُ الأرضُ أنينَ بركانٍ تغلى مراجلُهُ تحت ثراها ثائرًا.
وقيل فى رواية أخرى أن الصوت الذي حمله، حين كان هنا، لم يكن صوتًا فقط، بل أثير واهتزاز فى شىء داخلي لا يُرى ولا يقاس،
وأن هذه النبرة لم تمحَ، لم تُنسَ، بل أصبحت شعورًا ينتقل عبر المسافات بلا جغرافيا،
يُسافر في الليل، يلتقى بالنبض، ويختفي قبل أن تستيقظ العيون.
وفى شهاداتٍ أكثر اختفاءً، يُقال إن الحنين لم يكن حنينًا لشخص، ولا رغبة في العودة، بل حلمًا يمر عبر الذاكرة، يطرق من الداخل وما يلبث أن يختفى دون فهم أو تعليل.
حلمٌ صافٍ، دافىء، قصير جدا، لكنه ترك هنا ارتجافة لا تُمحى.
وهكذا، بقيت الكلمات ..
لم تُكتب، ولم تُقرأ، ولم تُمنح اسمًا، كانت مجرد نبضة حلم اخترق الواقع، ثم انحنى بعيدا، تاركًا أثرًا لم يجرؤ العقل على تفسيره.









