حادث شوق مؤسف/ بقلم الكاتبة المبدعة /أشواق المصري – اليمن

ــــــــــــــ
غيثي الذي لا يشبهه أحد،
سلامٌ على قلبك الذي يكتبني كما لو أنني وطنٌ ضائع،
وسلامٌ على حروفك التي تضيء لي عتمة الغياب، وتسكبني في قارورة الشوق.
قرأت رسالتك، لا بعينيّ فقط، بل بقلبي الذي ما زال ينبض باسمك،
كل كلمةٍ منك كانت كأنها قبلةٌ على جبين الذكرى،
وكل تنهيدةٍ بين السطور كانت كأنها عزاءٌ لي فيك.
أما عن الشوق، فإني أشتاقك كما تشتاق الأرض غيثها،
أشتاقك كما يشتاق الحرفُ معناه،
أشتاقك كما تشتاق الروحُ جسدها حين يخذلها الرحيل.
غيثي،
أما عن هالة، فكانت زهرةً لم تتفتح بعد،
كانت تضحك كأنها لا تعرف من الدنيا إلا الحلوى واللعب،
كانت تحلم أن تصبح معلمة، أن تكتب اسمها على السبورة، أن تزرع وردةً في فناء المدرسة.
لكنهم وأدوا الحلم،
وأدوه بعقدٍ شرعيٍّ لا يعرف الرحمة،
وأدوه بجهلٍ يلبس عباءة العرف،
وأدوه بصفقةٍ لا تعرف الطفولة، ولا تحترم الحياة.
ماتت هالة، لا لأنها ضعيفة، بل لأنهم أضعفوها،
ماتت لأنهم لم يمنحوها فرصة أن تكبر، أن تحب، أن تختار،
ماتت لأنهم رأوا فيها جسدًا، ولم يروا فيها روحًا.
غيثي،
من المسؤول؟
كل من صمت، كل من بارك، كل من كتب عقدًا، كل من قال “هذا شأنٌ عائلي”،
كلهم شركاء في الجريمة، شركاء في دفن البراءة.
أما أنا،
فأعيش بين أنقاض الحنين،
أحاول أن أرمم قلبي الذي تهدم بفراقك،
أحاول أن أكتبك في قصيدةٍ لا تنتهي،
أحاول أن أتنفسك في هواءٍ لا يخونني.
غيثي،
أما اشتقت إلي؟
فأنا أشتاقك حدّ البكاء،
أشتاقك حدّ الانطفاء،
أشتاقك حدّ أن أكتب لك، وأنا أعلم أنك لن تقرأني الآن، لكنك ستشعر بي.
ابقَ بخيرٍ ما استطعت،
فأنا ما زلت أراك في كل صباح،
وأسمعك في كل صمت،
وأحبك كما لو أن الحب لا يعرف غيرك.









