مصطفي السعيد يكتب :هل بدأت الحرب “الروسية – العثمانية” الرابعة عشرة؟

حاول بوتين احتواء أردوغان، اتقاء لغدره، وهو يواجه حلف الناتو في أوكرانيا. قدم له الكثير، محطة طاقة نووية .. محطة وأنابيب غاز بسعر منخفض ليبيع منه، ويحصل على فارق السعر، وتستفيد صناعته من الغاز الروسي الرخيص .. أمده بمنظومة صواريخ إس 400 عندما رفضت أمريكا تزويده بمنظومات باترويت، أعلن عن استعداده لتزويده بأفضل الطائرات الشبحية إذا امتنعت أمريكا عن تزويده بطائراتها الجديدة .. أبلغه بتحركات محاولة الإنقلاب.
كل ذلك لم يمنع أردوغان من توجيه عدة طعنات موجعة لبوتين، كان أولها أنه لم يلتزم باتفاق تسليم المحاصرين في مصنع آزوفستال للصلب في ميناء ماريوبول إلى تركيا، وعدم تسليمهم إلى أوكرانيا إلا بعد إنتهاء الحرب، وسارع بتسليمهم بمقابل كبير.
أما الضربة الأكثر إيلاما فكانت تعاونه مع الكيان وأمريكا والغرب في احتلال سوريا، وتمكين الجولاني وجماعته من حكم سوريا، ثم التحرك جنوب روسيا، ومحاولة إحياء “تركيا الكبرى”، ودفع أذربيجان للتحرش بروسيا، وبناء مصنع تركي للطائرات المسيرة في أوكرانيا، وإمدادها بذخائر وأسلحة.
تحرك بوتين مؤخرا، متخليا عن “الصبر الإستراتيجي” تجاه أردوغان، ودمر مصنع المسيرات التركي في أوكرانيا، وأحرق سفينة شحن تركية في ميناء أوديسا، كانت تمد أوكرانيا بالغاز. وقع حداث غامض لطائرة شحن عسكرية ومقتل 20 عسكريا تركيا، وتكتمت تركيا أسباب السقوط. لكن جرى تفجير سفينتي شحن روسيتين أثناء عبورهما مضيق البوسفور، وأدانت تركيا الحادث الذي وقع في مياهها الإقتصادية، وكذلك جرى قصف سفينة تركية قرب السنغال بطائرة مسيرة.
دخلت العلاقة بين روسيا وتركيا العثمانية الأردوغانية مرحلة جديدة، كشرت فيه روسيا أنيابها، وأعلنت عن جاهزيتها لردع أردوغان، الساعي إلى استغلال انشغال روسيا بمحاربة الناتو لينشب مخالبه في خاصرتها الرخوة، وهو إيذان بحرب روسية عثمانية جديدة، تعيد ذكريات الحروب الروسية العثمانية ال13، التي دارت على مدى 250 عاما، وكانت من أهم أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية.
أوروبا تدفع أردوغان إلى الحرب، واعدة إياه بالإنضمام للإتحاد الأوروبي، ودعمه إقتصاديا وعسكريا، مثلما وعدت صدام حسين إذا حارب إيران.. فهل سيواصل أردوغان سياساته العدائية تجاه روسيا، أم سيرتدع ويعود إلى مغازلة بوتين من جديد؟







