تصدّعٌ آيلٌ للصراخ.. شعر: عائشة بريكات

تصدّعٌ آيلٌ للصراخ
أمسحُ عن صفحةِ الوقت
ما سبقكَ من هزيلِ المعاني
وأتركُ لهاثي يتسرَّب
مثل نهرٍ مكبوت
يبحث عن فمٍ يليقُ باعترافه
من تُفزِعُها الإشراقة أنا
حين تندلعُ من فجوةٍ مجهولة
كأنَّ المعنى يركضُ نحوي
محمولاً على أكتاف الريح
دونَ أن يتوقَّع تهيّؤي للنشوة
يُوقِظني نصٌ فاره
سقطَ من فراغِه الشَّاهق
كما لو أنَّ الأبجديةَ ترمي
بأعضاءِ جسدِها المبتور
ثم تأمرُني:
“رتّبي هذا الخرابَ بما يليق”.
أرفعُ يديّ
فتتكسَّرُ اللغةُ
كقشرةِ برقٍ يابس بينَ أصابع المجاز
و تتفجّرُ المخيّلةُ نحوياً
كما قصيدة نُسيت مفاتيحُها
في جيبِ بدلةِ الغمام الرماديَّة
أتقدَّم نحو السطور بفضولٍ جائع
أمزّق صدرَ المحبرة
بشفرة – أضعُها عادةً تحتَ لساني-
كي أرى الفكرةَ التي أخفتها
بينَ ضلوعِها عنِّي
فأكتشف نبضاً حادّاً
يفتحُ فمي على صراخٍ لم أتعلمه
أوعز للاستعاراتِ فتقفْ
دهراً من الصوت
لتتذوَّق ارتجافَ روحي
وهي تتهجَّى حضورنا
بقدرٍ يفوقُ احتمال العتب
هكذا أضيقُ
وأضيق
ثم أتَّسعُ
كأنِّي صدعٌ في الأبد
ينتظرُ أن تطرقَه عاصفة
لأستعيدَني كاملة
حين تلوّحُ لي
بشظاياك الخطيرة
يا أنت
يا الذي ترفعُ الليل عن كتفي
وتحشو الفراغ بخبرةِ النار
من خطوِك في التأويل
أبتكرُ أوَّلَ أسماء الوجود
وأقذفها في وجهِ المشهد
فيضطرب معيداً أنسنته
على قدر مشيئتي
أطمسُ التاريخَ قبلك
كما يُمحى طلَقُ نارٍ
عن جدارٍ اعتادَ الموت
وأتركُ المسافةَ ترتعش
مثل وترٍ مذعور
عرفَ أنَّ الأصابعَ التي ستلامسُه
لا تريدُ موسيقى…
بل اعترافاً خالداً
كلّ ما هو ساكنٌ هنا
أطردُه خارج النص
وأدعوك لتدخل
كقارِىء
كناقدٍ
كمنقذٍ
عاشقٌ أو ربما عابر مصير
أو بصورة أشد فخامة
كعاصفةٍ تتدرَّب على
نحتِ ظِلّها من تطاولي
تعال…
أرِني تهدم الكون
عندما تنطق اسمي
وكيف ينهض ثانيةً
عندما أهمس:
اقترب..!
عائشة بريكات – سوريا









