كتاب وشعراء

رسالة شوق بقلم الكاتبة شيماءمحمدالحزمي .. /البلد اليمن.*

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

*حين تهمس الأرض وتغيب الأصوات*

إلى غيث،

ذاك الذي ظلّ في الحرف وإن غاب عن العين
أما بعد،
فقد تعبتُ من الصمت، وتعب الصمت منّي.
أكتب إليك لا لأعاتب، بل لأتنفّس.
أشتاق، وأحاول أن أنكر، لكنّ الأشياء كلها تنطق باسمك…
حتى الهواء الذي يمرّ بي يُشبهك في خفّته، وفي وجعه أيضًا.

أتعلم؟
الفراغ لا يبدو مخيفًا إلا حين تتركه أنت.
أما البعد. فليس مسافةً فقط، هو صقيع يسكن عظمي،
سكونٌ يسرق ضحكتي، وثقلٌ على قلبي لا ترفعه الأيام.

وغيث…
هل تذكر الطفلة “هالة”؟
لم تمت كما مات غيرها.
هالة كانت حلمًا صغيرًا يحمل بين عينيه دهشة العالم.
لكنها في ليلة غادرة، خرجت تبحث عن فراشة خباتها في دفترها القديم.
لم تكن تعلم أن الظلمة لا تحب الضوء، وأن القلوب الشريرة لا تُحسن قراءة البراءة.

اختفت، ثم وجدناها تحت جذع شجرة قديمة، كأنها نامت دون وداع…
لكنّ الأرض همست لي حينها أن الطفلة لم تمُت، بل انسحبت من هذا العالم،
لأن قلبها كان أرقّ من أن يحتمل قسوته.

ها أنا أُجزم الآن:
أنكِ الروح التي نفختها السماء في جسد القصيدة، فَنَمَتْ حروفًا بيضًا، وسنابل ذهبية.
أيقنتُ أنكِ الحلقة الأولى من دهشة لا تنتهي،
والنافذة الأولى التي يتسلّل منها دفء الحياة على جدار الصقيع.
أنتِ النخلةُ الأولى التي نضجت عليها فاكهة الإنسانية،
واللحظةُ الأولى لميلاد النهار.

كوني قريبة…
فأحداقي الصغيرة ما زالت تعشق المكوث أمام النخيل والملائكة.

*غيث…*
أحملُ هالة في صدري، وكلّما حاولتُ أن أكون بخير، أطلتْ بعينيها، تسألني بصمتٍ موجع:
“لماذا لم أحمِني؟ لماذا لم أصرخ باسمها أعلى؟”
وكلّما ناديتُك، كان الصدى هو الجواب… وكان الغياب هو النهاية.

*

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock