مصطفي السعيد يكتب :لماذا تنسحب الولايات المتحدة من حلف الناتو؟ وما مستقبل أوروبا؟

إعلان الولايات المتحدة أن على أوروبا الإعتماد على نفسها عسكريا ، وأنها ستقلص وجود قواتها في أوروبا يعني نهاية حلف الناتو عمليا، والمهلة التي منحتها إدارة ترامب لأوروبا (2027) ليست كافية لكي تمتلك أوروبا جيشا قادرا على خوض حرب تراها على الأبواب مع روسيا، مع أن إجمالي دول أوروبا الأعضاء في الحلف لديهم نحو مليون جندي، وعددا لا بأس به من الأسلحة المتقدمة. ترى أوروبا أن إدارة ترامب تبتزها، وأنها تريد فرض شروط إضافية، تتعلق بألا تبني قدرتها الدفاعية في مصانعها، وأن تشتري السلاح من أمريكا، وأن تضخ استثمارات في الولايات المتحدة، لكن أوروبا تعاني من أزمة إقتصادية حادة للغاية، ولا يمكنها منح الكثير، إلا أن شعار ترامب “أمريكا أولا” يعني “إذا جاءك طوفان الأزمة الإقتصادية ضع حلفائك تحت رجليك”، ولهذا تضع أوروبا تحت أقدامها، وتدوسها بعنف، وكذلك تفعل مع اليابان التي بلغت ديونها معدلا يفوق الخيال بواقع 250% من ناتجها السنوي. لكن ليس الإقتصاد وحده هو سبب امتعاض ترامب من أوروبا، فهو يرى قادته حلفاء سلفه بايدن، الذي يبغضه ولا يكف عن انتقاده بعنف، ويراه سبب كل مصائب أمريكا، وحكام أوروبا يسيرون على نهج بايدن “اليمين الليبرالي”، بينما يشجع ترامب أحزاب اليمين القومي الأوروبية، وعبر إيلون ماسك عن ذلك بصراحة، بل بفجاجه، وطالب بانتخابات جديدة في بريطانيا وتسليم الحكم لليمين القومي، وكذلك في ألمانيا وفرنسا. هذا التناقض الحاد بين جناحي الرأسمالية في كل من أمريكا وأوروبا وصل حد التناطح، وفي المقابل لا يخفي قادة أوروبا أنهم يأملون في عودة الحزب الديمقراطي إلى الحكم. وأعتقد أن لا اليمين الليبرالي ولا اليمين القومي قادر على إنقاذ الرأسمالية الغربية من أزماتها العميقة، وأنهما يتبادلان الإتهامات لعجز أي منهما عن تحقيق أي إنجاز، فلا أفلح بايدن ولا ترامب، وفقاعات الأزمات تكبر أثاء حكم كل منهما. إن التفكك الداخلي، وكذلك تفكك التحالفات ظاهرتين مصاحبتين لأفول الهيمنة الغربية.







