كتاب وشعراء

” الولاءم في الإسلام ” كتاب د. عبد العزيز مرسي يتناول الحضارة الإسلامية في مجال الطعام

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

كتاب ” الولاءم في الاسلام ” لمؤلفه الدكتور عبد العزيز مرسي علي مرسي يتناول دور الحضارة الاسلامية في مجال الطعام ويقول المؤلف في تقديم الكتاب : كان الطعام – في الحضارة العربية والإسلامية – أكثر من مجرد حاجة يومية، بل غدا مرآةً عاكسة لروح الأمة، ومخزونًا دالًّا على هويتها وتاريخها.

فمنذ أن بزغ نور الإسلام، وامتد أثره إلى ما وراء جزيرة العرب، حمل معه منظومة متكاملة من القيم والعادات، كان للطعام والولائم نصيبٌ وافر منها. فتمازجت الألسن، وتداخلت التقاليد، وتشكلت وحدة فريدة من اللغة والموروث والذوق، ظهرت ملامحها في المشرق كما في المغرب على حد سواء.

ولم يكن الاحتفال في البيوت أو الساحات العامة ليُستكمل دون أن يتجسد في صورة أطعمة مخصوصة تميّز كل مناسبة؛ فذبيحة العرس والعقيقة، وعصيدة المولد، وحلوى رمضان، وعاشورية عاشوراء، كلها شواهد على أن الوليمة كانت قلب المناسبة وروحها. بل إن هذا الإرث لم يندثر مع الزمن،

فالعرب اليوم ما يزالون يتوارثون أطعمةً ضاربة الجذور، يقدّمونها كما هي، وقد انضافت إليها ألوان جديدة عبر المسيرة الحضارية الطويلة.وقد بلغ هذا الجانب ذروته في العصر العباسي، ذلك العصر الذي يُعدّ من أزهى العصور الذهبية في تاريخ الإسلام، حيث ترسخت فيه آداب المائدة وأصول الضيافة، وتنوّعت فيه أسماء الأطعمة تبعًا للمناسبات والغايات. فلكل مقام طعامه الخاص، ولكل موسم مأدبته المميزة

أما عن الولائم في المفهوم الإسلامي، فهي تلك الموائد التي تُعدّ إما لمواسم دينية كالأعياد، أو لمناسبات شخصية كالميلاد والزواج والوفاة، أو لاستقبال ضيف كريم يُراد تكريمه. وقد شكّلت هذه الظاهرة أحد أبرز ملامح البيت الإسلامي في العصور الوسطى، بما لم يكن له نظير في أوروبا آنذاك

وأصل لفظة “الوليمة” عائد إلى الجذر “وَلَمَ “، والوَلَمُ في اللغة: القيد، كما يطلق على حزام السرج والرحل، غير أن العرب أطلقوه على طعام العرس خاصةً، ثم توسّع المعنى حتى غدا يُطلق على كل طعام يُعدّ لمناسبة.

ومن هذا المعنى المجازي انبثقت دلالة اجتماعية عميقة: الاجتماع على الطعام في الفرح، فارتبطت الكلمة بالسرور والاحتفاء. وتعددت أسماء الولائم في لسان العرب وتنوعت بتنوع المقامات، فكانت الوليمة ديوانًا اجتماعيًا وثقافيًا يعكس حضارة بكاملها

وهكذا لم تكن الولائم في الحضارة الإسلامية مجرد طعام يُقدَّم في مناسبات عابرة، بل كانت رمزًا للتكافل، وأداة للتقارب بين الأفراد والجماعات، ومجالًا للتعبير عن الكرم العربي والإسلامي في أبهى صوره. إنها سجلٌّ اجتماعي وحضاري يعبّر عن وحدة الثقافة الإسلامية وتمازجها، ودليلٌ على عمق ارتباط المائدة بالحياة اليومية والروحية معا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock