رِيُحُ يُوسُفَ / بقلم الكاتب الأنيق/ د.عبدالله عياصرة/ الأردن


يَمشِي خَفِيفًا،
تَتَزَحزَحُ الجِهاتُ؛ لتُفسِحَ لَهُ الطَّريقَ
لا يعرفُهُ سِوى العَابِرينَ
مِنْ أقصَى غُرُفاتِ الخَافِقِ
أو أعمَقِ أغوارِ الرُّوحِ.
في صَوتِهِ بَقيَّةُ مَوعدٍ لم يَكتَمِلْ،
وفي نَظرتِهِ ارتِعاشةُ سُؤالٍ
يقِفُ على ساقَيْنِ مِنْ هَواءٍ.
لا يَقتَرِبُ…
بل يُعيدُ تَرتيبَ المَسافاتِ حَولَكَ،
حتى تَظُنَّ أنَّكَ مَنْ يَتهادَى بينَ يَدَيهِ
كرِيحِ يُوسُفَ؛
إذ تَتَغشَّى وَجهَ أبيهِ
بعِطرِ قَميصِ الوَجْدِ
وسَلوى الحَنينِ للمَفقُودِ؛
تُؤذِنُ ببُلوغِ الأثَرِ، وقُربِ المَحبُوبِ.
في عاطِفَتِهِ خَفْقَةٌ تُشبِهُ
لَمسَةَ شَيءٍ يَنسابُ قَبلَ أنْ تُدرِكَهُ،
ويَترُكَ فِيكَ بادِرةَ دِفْءٍ
لا تَعرِفُ مِنْ أينَ هبَّتْ عَلَيكَ،
وكَيفَ اقتَحمَتْ قلبكَ دفعةً واحدةً.. هكذا!
وفي حَنايا الرُّوحِ -مِنْكَ- وضَعَتْ رَحلَها.
وإذا ضَاقَ صَدرُهُ،
تَتَحرَّكُ الأشياءُ حَولَهُ مِنْ تَلقاءِ نَفسِها،
عَبَثًا؛ تُحاوِلُ أنْ تَشرَحَ لَهُ
ما عَجِزَ لِسانُهُ عَنْ قَولِهِ
هو حُضُورٌ يَتمدَّدُ بلا صَوتٍ،
ومِنَ التَّاريخِ صَدًى لا يَتكرَّرُ
ومِنَ اللَّحظةِ ظِلٌّ لا يَمَّحِي؛
يَصنَعُ أثرَهُ دُونَ صَخَبٍ،
ويَترُكُ في الخُطَى
نَبرَةً لا تُشبِهُ أحدًا إلَّاهُ،
كأنَّ الأيَّامَ حِينَ مَرَّتْ بِهِ
تَركَتْ مَفاتِيحَ أسرارِها
في عُروَتِهِ الأخيرةِ.. ورَحَلَتْ
فها هو الزَّمَنُ نفسُهُ
يَتعلَّمُ مِنْهُ كيفَ يَختفِي ويَحضُرُ
دُونَ أنْ يَغِيبَ!
__
@عبدالله عياصرة
• السَّبت | 01:00.13.22.2025








