حين تضيق بي اللغة…زكريا شيخ أحمد / سوريا

حين تضيق بي اللغة
و لا يبقى في فمي
سوى غبار الكلام،
أمدّ يدي إلى التمبور
كمن يمدّها إلى آخر حبلٍ
في بئرٍ بلا قاع.
لا أعزف
أنا فقط أمسك بنفس
كي لا تسقط.
الوترُ الذي ألمسه
ليس وتراً إنه ضلعٌ إضافي
ينبت لي
حين ينكسر صدري .
هذا ليس عزفاً…
إنه تنفّس بديل .
حين لا يعود الصدر يتّسع للشهيق
تتّسع الأوتار.
التمبور عندي ليس آلة،
إنه جرحٌ مُصغّر
حين يُلمَس،
يصدر صوتاً بدل أن ينزف.
في أقتم حالاتي
لا أبحث عن لحن و إنما عن صوتٍ
يكفي كي لا أسقط
يكفي ليقول: ما زلتَ هنا.
أعزف لا لأُسمِعَ
و لكن لأمسك بنفسي من الحافة
أعزف
فتتراجع الأفكار خطوةً ،
يهدأ العواء في رأسي
و يصير الألم شيئاً يمكن حمله
دون أن أصرخ.
التمبور لا يسألني
لماذا وصلتَ إلى هذا الحد
و لا يطلب مني تفسيراً
هو فقط يهتزّ معي
و يحوّل الجرح
إلى زمنٍ يمكن العبور فيه.
كلّ وترٍ سلمٌ صغير
أنزل به إلى القاع
ثم أعود أخفّ…
ليس لأني شُفيت
و لكن لأني نجوت.
كأن العزف يقول لي بصوتٍ خافت:
لا تشرح، لا تبرّر، لا تصرخ…
دع الحزن يخرج و هو يرتّب نفسه موسيقى.
و حين أنتهي
لا أكون قد قلتَ شيئاً
لكني أكون قد بقيت.









