السفير فوزي العشماوي يكتب :صفقة الغاز الكبري

أعلن نيتنياهو ووزير الطاقة الاسرائيلي منذ قليل عن التصديق علي صفقة كبري للغاز مع مصر ستبلغ قيمتها حوالي ٣٥ مليار دولار وتمتد حتي عام 2040 وتتضمن ضخ حوالي ١٣٠ مليار متر مكعب من الغاز من حقول اسرائيل خاصة ليفاثيان لمصر، هذه الصفقة تعد تطورا استراتيجيا وسياسيا بقدر ماهي صفقة إقتصادية تعد الاكبر في تاريخ إسرائيل
من الطبيعي أن يسوق نيتنياهو الصفقة باعتبارها نصرا كبيرا له وباعتبارها تأكيدا علي تحول اسرائيل لقوة عظمي اقليمية في مجال الغاز حسب قوله، متباهيا بما ستوفره الصفقة من إيرادات للخزينة العامة في إسرائيل تناهز نصف قيمتها في صورة ضرائب ورسوم، كما أنه قال أنه لم يوافق علي الصفقة إلا بعد ” تأمين المصالح الامنية وغيرها من المصالح الحيوية ” رافضا الخوض في التفاصيل !
تجدر الاشارة الي ان الضغوط الامريكية لعبت الدور الاكبر في قرار نيتنياهو بالموافقة علي الصفقة بعد قراره بتعليقها في سبتمبر الماضي، اذ ان ادارة ترمب كانت مصرة علي اتمام الصفقة اولا كون شركة شيفرون الامريكية شريك أساسي في استخراج الغاز ويهمها تسويقه لاستعادة نفقاتها، وثانيا لرؤية ترمب وادراته للصفقة كضمانة لعلاقات استراتيجية بين مصر واسرائيل مايضمن نجاح خطة ترمب في غزة خاصةً ورؤية أمريكا لمستقبل المنطقة بصفة عامة
من ناحية مصر فإن الصفقة توفر لمصر إمدادات الغاز الذي تحتاجه محليا للصناعة والاضاءة وغيرها من الاستخدامات بسعر افضل من الغاز المسال المستورد من دول اخري من جهة، كما ستضمن لمصر عائدات جيدة نتيجة رسوم التسييل التي ستتقاضاها للشحنات التي سيتم تسييلها في محطتي ادكو ودمياط وتصديره لاوربا من جهة اخري
الفيصل في استفادة او تضرر مصر من الصفقة يعتمد علي عدة امور :
– تنمية الحقول الحالية والاكتشافات الجديدة من الغاز والبترول وكذا البدائل الاخري للطاقة ( رياح – هيدروجين – طاقة شمسية ) لتقليل الاعتماد علي الغاز الاسرائيلي تدريجيا
– ضمان إنتظام التدفقات من جانب اسرائيل، والزامها بعقوبات رادعة في حال التقاعس او التلاعب واستخدام الغاز كورقة سياسية، وذلك حتي تنتظم وتيرة الاسالة في محطات التصدير وحتي لاتحدث ازمات مفاجئة في الاستهلاك المحلي
– الاستخدام الامثل للغاز المستورد في التصنيع والتصدير وخلق القيمة المضافة
– تطوير العلاقات في مجال الغاز والطاقة مع الدول الاخري كقبرص ( سيتم تدشين الربط في مجال الغاز بين البلدين عام 2027 )، وقطر، وليبيا فور استقرار الاوضاع بها، واليونان وغيرها .. حتي لايكون الاعتماد علي اسرائيل فقط
الخلاصة ان الصفقة يمكن ان يخرج الاطراف الثلاثة ( مصر – اسرائيل – أمريكا ) منها رابحون، كما يمكن ان تمثل ورقة ضغط متبادلة في يد كل من مصر واسرائيل إعتمادا علي قوة الاقتصاد والتصنيع والبدائل المتاحة لكل منهما !







