كتاب وشعراء

في اليوم العالمي للغة العربية….شعراء عرب يتغزلون في سحر لغة الضاد…..بقلم محمد المحسن

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

(حافظ إبراهيم،حمد بن خليفة أبو شهاب،صباح الحكيم،المتنبي،عبدالرحيم الصغير،وديع عقيل،الشاعر التونسي د-طاهر مشي،سليمان العيسى،أمير الشعراء أحمد شوقي)

-تصدير : إن الذي ملأ اللغات محاسنا..جعل الجمال وسره في الضاد (أحمد شوقي)

-في عصر العولمة والهيمنة اللغوية،يصبح الاحتفاء باللغة العربية ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية،مسؤولية علمية وأكاديمية لتطويرها وتكييفها مع مستجدات العصر،وواجباً تربوياً لنقلها للأجيال القادمة بكل غناها وجمالها..( الكاتب)

اللغة العربية،هي لغة الضاد،ولغة المعاني والمفردات الثرية،وهي التي تغنى بكلماتها شعراء العالم واستلهم منها الأدباء رواياتهم وكتبهم.
وتحتلُ اللغة العربية مكانةً مرموقة بينَ لغات العالم،فهي لغة القرآن الكريم ولغةُ أهل الجنة.
لغة الضاد فيها من السحر والبيان ما لا يوجد في أي لغةٍ أخرى،وهي من أكثر اللغات انتشارًا في العالم،ويتحدث بها عدد كبير من الناس في مختلف بقاع العالم وليس في الوطن العربي فقط.
وتعتبر اللغة العربية من أكثر اللغات غزارة من حيث المادة اللغوية،كما أنها من اللغات الحية التي تضم مفرداتٍ كثيرة ومترادفاتٍ لا يوجد مثلُها في لغةٍ أخرى.
وتغنى الشعراء بحبهم للغة الضاد وقالوا فيها من الكلام أجمله،إذ كتب الشاعر حافظ إبراهيم قصيدة “اللغة العربية”،ومن أشهر أبياتها: “أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي”.
كما قال فيها الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب: “لغة القرآن يا شمس الهدى..صانك الرحمن من كيد العدى”.
وفي حب العربية نظم الشاعر صباح الحكيم قصيدة لغة الضاد قائلا: “أنا لا أكتبُ حتى أشتهرْ..ولا أكتبُ كي أرقى القمرْ..أنا لا أكتب إلا لغة في فؤادي سكنت منذ الصغرْ”.
فيما تغزل من خلالها المتنبي بمحبوته العربية بقصيدة لغة الأجداد قائلا: “لغة الأجداد هذي رفع الله لواها..فأعيدوا يا بنيها نهضة تحيي رجاها”.
وفي عشق اللغة العربية،قال الشاعر عبدالرحيم الصغير: “طلعتْ..فالمَولِدُ مجهولُ..لغة ٌ في الظُلمةِ.. قِنديلُ” وذلك بقصيدته “اللغة العربية”،كما نحت الشاعر وديع عقيل أبياتا دفاعا عن العربية بقصيدة “لا تقل عن لغتي”.
وفي سحرها المذهل ووهجها الخلاّب (اللغة العربية) نسج الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي خيوط قصيدته الرائعة الموسومة ب”سحر الضاد..يأسرني” حيث قال :
فَمَا عَبثًا هَوَاهَا قَد بُلِيت
وَمَا عَبَثا يُسَامِرُها الرّواةُ
وَمِن عِشْقي لَها نَزَفَت عُرُوقي
وَمِن شَغَــفِي بهَا حفل الحُمَاة
وَأَشْرَقَتِ الحَيَاة بِهَا كشَمْسٍ
وَنُور العَالمِين لَها هِبَات
بِيُوت الشّعر تجْري سَلسَبيلا
كمَا الطوفَان لا نَهْر الفُرَات
يَمُرّ العَام تِلْو العَام نَشْدوا
نُنَاجِي الحَرف يَا أمّ اللغَات

في قصيدة “لغتنا العربية تنشد” لشاعر العروبة والطفولة السوري سليمان العيسى (1921- 2013)، يقول الشاعر على لسان اللغة:
أنـا مـا بَرِحْتُ..تألُّقـاً وسَـنَا
لُغَـةُ العُروبــةِ والبَقَـاءِ أنَـا
في بُـرْدِيَ التـاريخُ..أنْسُــجُهُ
شِـعْراً ونَثْـراً..أبْهَـرُ الزَّمَنَـا
أطْوِي العُصُورَ..وما شـكَوْتُ بِها
في بُنْيَتِـي ضَـعْفاً ولا وَهَنَــا
عُمْرِي هُوَ التـاريخُ..لاتَسَـلُوا
عـن مَوْلِدي..في فَجْرِهِ اقْتَرَنا
ضِــعْتُمْ عَنِ الدُّنيـا..وضَيَّعَني
عَنـكُمْ سَـوَادُ الليـلِ مَـرَّ بِنـا
هُـوَ عابِـرٌ..لُمُّـوا شَــتَاتَكُمُ
وتَشَــبَّثُوا بِروائِعـي وَطَنــا
عُــودوا إِلى صَدرِي أُوَحِّـدُكُمْ
أنـا أُمُّكُـمْ..أُمُ اللُّغَـاتِ أَنــا
وسَـلُوا الحضَارةَ..أَيُّ سـاطعةٍ
في الفكـرِ لم أصْلُحْ لها سَــكَنا؟

أما أنا فأقول : تُعرف العربية بكونها لغة ذات خصائص متميزة تتمثل في ثروة مفرداتها وغنى تراكيبها وجمالية تعبيرها،كما لها دورها التاريخي الحضاري القديم،ومن ثمّ صلاحيتها لكل زمان ومكان،ومع ذلك فإن التحديات أمامها قائمة خاصة في عصر الحاسوبية والمعلوماتية والسيبرانية وغزو الفضاء والثورة التقنية.إذ تبدو اللغة العربية عند أكثر مستعمليها من غير المتخصصين باللغة والأدب أشبه بعبء،ولا سيما في مجالات العلم والمهن والتجارة والتبادلات اليومية.
ومن هنا فإن المطلوب هو التحول من سيكلوجية “اللغة-العبء” إلى واقعية “اللغة-الدافع”،ومن سيكلوجية القلق التعبيري إلى قوة الثقة بالنفس،ومن الشعور بالعجز إلى الشعور بالراحة والطمأنينة والفائدة والبهجة..
وأخيرا من فداحة الشعور المتزايد بأن العربية الفصيحة أشبه بلغة أجنبية “مسقطة قسرا على مستخدميها”..!! إلى نعمة التآلف مع اللغة وحرية الانتقاء من كنوزها وسعادة الإحساس بتجاوبها مع مستلزمات التفكير والتعبير.
وهنا أضيف : لقد اهتم العرب قديمًا باللغة العربية أيمّا اهتمام،وجعلوا هناك نياشينَ لمن برع فيها أو في فنٍ من فنونها،وكان الشعراء يُعْتبرون في قومهم منابر إعلامية تعادل شبكات القنوات في هذا اليوم،فتكفي قصيدةٌ عصماء وحيدة لتنتصر لقضيةٍ ما أو تحط من شأن قومٍ..فترفع وتسقط وتعطي وتمنع.
ما يميزها عن بقية لغات العالم أنها لغة حيّة تصويرية للكلمة فيها حسٌّ وروحٌ وموسيقى وبيانٌ ومعنى،ومئات الاشتقاقات بتصريفات ومدلولات تفوق غيرها بكثير.وكثيرون هم الأدباء والمفكرون الغربيون الذين هرولوا باتجاه العربية حيث المعاني المتزاحمة والمفردات العديدة للمعنى الواحد ما يعطي مساحةً وتوسّعًا أكبر في الإبداع والتميز…
ولكن..
من المؤسف أنه حتى في الدراسات اللغوية الشاملة نادرا ما يجري لها ذكر (اللغة العربية) بين لغات العالم..
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع :
ألا ينبغي أن نقدم للغتنا العذبة والرافلة بمخزون ديني وأدبي وجمالي عظيم مقومات تحفظ لها فاعليتها وتبقيها في مصاف اللغات الحيّة الفاعلة في مجال صراع الحضارات أو حوارها،وكذلك أن نحرص على إبقائها في واجهة تعاملنا اليومي وفي صدارة اللغات الحية بدلا من أن نعرّضها لخطر المصير الذي آلت إليه لغات كانت لها عظمتها في سالف الأيام مثل اليونانية واللاتينية،وأصبحت اليوم قابعة تحت قباب الكنائس أو في أقبية التخصص التاريخي..؟!
قال الله عز وجل:”بلسانٍ عربيٍّ مبين”
هكذا اختار الله لغة الضاد وشرفها أن تكون لغة القرآن الكريم لتبقى خالدةً إلى يوم القيامة،ألم يقل فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم “إن من البيان لسحرًا” أي لغةٍ من لغات العالم شرّفت إلى هذا الحد؟
ولو عدنا للقرآن الحكيم لوجدنا آلاف الكلمات التي لها مدلولات حسّية بالإضافة إلى المعنى المراد منها..وما يزيدها عظمةً وبهاءً أنها اللغة الوحيدة في العالم التي لها إعراب بعكس بقية كل اللغات في العالم،حيث إنها لغات غير مرنة وتكون للكلمات معانٍ محددة وقليلة الاشتقاقات،أما الفصحى فلديها مرونة جدًا بحركات الإعراب ومعانٍ لا حصر لها بخلاف التراكيب المتفرعة منها..
وإذن ؟
في عصر العولمة والهيمنة اللغوية،يصبح الاحتفاء باللغة العربية ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية،مسؤولية علمية وأكاديمية لتطويرها وتكييفها مع مستجدات العصر،وواجباً تربوياً لنقلها للأجيال القادمة بكل غناها وجمالها..
ومن هنا،فالاحتفاء باللغة العربية ليس مجرد فعالية ثقافية،بل هو إعادة تأكيد لحيويتها وقدرتها على التعبير عن كل جديد مع الحفاظ على أصالتها،وهي لغة قادرة على العطاء والإبداع في كل المجالات عندما نمنحها الاهتمام والرعاية التي تستحقها.
وأجمل ما أختمُ به المقال قول أمير الشعراء أحمد شوقي (1868- 1932) عن جمال اللغة العربية:
إنَّ الذي ملأ اللُّغاتَ محاسِنًا
جعل الجمال وسرِّه في الضّادِ
قد يقول قائل أنني بالغت..ولكنّني أدركُ تمامًا أيّ سحرٍ أتكلم عنه.

محمد المحسن

*تقام في الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام،احتفالات عالمية باليوم العالمي للغة العربية.وهو اليوم الذي قررت الأمم المتحدة سنة 1973 اعتماد اللغة العربية لغة رسمية،ثم جعلته منظمة اليونسكو يوما عالميا للعربية.
وفي هذه المناسبة تقيم المنظمات والجامعات المعنية باللغة العربية ندوات وفعاليات احتفالية تذكّر فيها بأهمية اللغة العربية ومنزلتها قديما وحديثا.
**أصبحت اللغة العربية عبر التاريخ هي من أعظم لغات العالم،والتي تمتلك العديد من الخصائص والمميزات التي أبقتها حية وصامدة ولم تتغير حروفها أو شكلها لأكثر من 15 قرنا من الزمان، لتصبح في وقتنا هذا اللغة الرابعة على مستوى العالم وينطق بها أكثر من 422 مليون شخص،فهي أكثر لغات العالم انتشارا فهي تحمل تاريخ عمره 70 عاماً.حيث أحب الشعراء العرب بالتغني بلغتهم،وأبدعوا في الدفاع عنها وبجمالها وثرائها وقوتها اللغوية التي تحمل معاني هامة وجميلة حيث قاموا بتقديم أبيات شعرية نالت الأفضل سواء باستعمال اللغة الفصحى أواللغة العامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock