كتاب وشعراء

في حرب سابقة …..بقلم نعمه حسن

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

في حرب سابقة كنت أسكن بالقرب من الشريط الحدودي مع مصر . مئة متر المسافة بيني وبين السلك الشائك الذي يفصل الأراضي المصرية عن الأراضي الفلسطينية في رفح
في ليلة قليلة الحيلة ..دخلت الدبابات الإسرائيلية المنطقة وحاصرتها ..لم يكن بإمكاننا الخروج ..
جميع الجدران في البيت محاطة بالدبابات وإطلاق الرصاص كثيف في الخارج ..كأن العتمة تنادي بصوت مهيب أن ترقبوا الموت
اجتمعت العائلة كلها في الحمام الصغير الوحيد الذي لا يشارك جدرانه مع الشارع .. وكان هناك كرتونة ” شتوي أو راس عبد ”
تقاسمناها مع الصغار وبدأنا نتذكر الحكايات حتى نتناسى صوت الدبابات في الخارج
كان الضحك هستيريا ..كأننا نلعب ” الاستغماية ”
سمعنا صوت جدران المنزل تنهار فجأة ..صمتنا جميعا ..وشعرنا أنها النهاية ربما
كان على أحدنا الخروج من الحمام لاستطلاع الأمر والا متنا تحت الركام ..امسكت عصا “المكنسة ” التي وجدتها أمامي وضعت قطعة من ملابسي الدخلية البيضاء التي وجدتها أمامي أيضا
وخرجت للمواجهة
كانت أضواء الدبابة وهي تقف في وسط صالة البيت المهدوم جداره الكبير تعمي الأبصار . رفعت يدي بالراية البيضاء. .وصرخت بباقي العائلة للخروج قبل أن تتقدم الدبابة أكثر وتسحقنا .. حملنا الصغار وعدونا تحت الرصاص ..جارتنا العجوز التي تعد المئة عام رغم تقلص حجمها بسبب الكبر لكنها كانت ثقيلة
غاص الرجال في وحل الطريق وهم يلهثون للنجاة بها
العتمة ووحل الشارع المهدم ..صوت الرصاص والبرد الذي يأكل جسدك مع كل ارتجاف لم تحاول ايا منها أن تسقط الراية البيضاء التي تحمل قطعة من ملابسي الخاصة على السقوط
موتنا يتكرر .
الصورة من نزوحات السابع من أكتوبر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock