عبد العظيم حماد يكتب :تفاهات مجتمع ضال ومحتقن

أولا أنا أشعر بالإشمئزاز من كل أطراف قصة الصورة غير اللائقة للفنانة (………)
ثانيا بعد امتلاء الفضاء العام بكل تلك الترهات والترهات المضادة طوال اربعة أيام دارت في ذهني هذه الذكريات و الخواطر فقد كنت أعمل في لندن عام ١٩٨٧ وعايشت أزمة تصوير الأميرة ديانا بملابس شفافة ولاصقة في صالة الأجهزة الرياضية ونشر الصور في صحف التابلويد
وعايشت التنافس بين هذه الصحف علي معرفة اللون المفضل للأميرة في ملابسها الداخلية
أكثر من ذلك تابعت تنافس هذا النوع من الصحافة علي اكتشاف طريقة منع الحمل التي كانت تتبعها جلالة الملكة إليزابيث الثانية ذات نفسها
وكنت في برلين عام ٢٠٠٣ حين التقط ونشر مصور صحفي صورة شبه عارية للسيدة أنجيلا ميريكيل زعيمة المعارضه وهي في كابينة تغيير الملابس في مجمع لحمامات السباحة
في تلك الأحقاب كانت الصحافة الشعبية او صحافة التابلويد تقوم بدور مماثل لويائل التواصل الاجتماعي الحالية
في لندن وبرلين فهم الأمر كما هو معتاد أي فهم علي أن هذه طبيعة الصحافة الرخيصة
ولم يقتض الأمر سوي رسالة غضب وتقريع من (الضحايا المفترضين ) ولفت نظر الي انتهاك الخصوصية بما أن أولئك الضحايا كانوا او كن في أماكن وفي مناسبات خاصة ولم تستمر ردود الأفعال سوي يوم واحد ولم تكن هناك حاجة إلي بيانات تضامن غاضبة ومهددة لامن أفراد ولامن مؤسسات. ولم تقحم القضية في سياق الصراع بين تنويريين وظلاميين ولم يدع تنويري واحد هناك أن هذه القرصنة الصحفية جزء من عملية شيطنة دينية متغلغلة الجذور للجسد الأنثوي
ولعلكم يا أصدقائي لا تكونوا قد نسيتم الأزمة التي نشبت منذ بضعة أشهر حين صرخت سيدة لأنها شاهدت رجلا يرتدي شورتا ويجلس واضعا ساق فوق ساق في نادي المهندسين النيلي. ولعلكم ايضا لم تنسوا ان النادي منع الدخول بالشورتات من باب مراعاة الحشمة في حين لم يتهم أحد من التنويريين السيدات ولا إدارة النادي بشيطنة الجسد الذكري
واضح للأسف ان مجتمعنا تجاوز مرحلة السفه الي مرحلة تعذيب الذات والتلذذ بها وتحويل كل حبة إلي قبة و إدمان التفاهة وهذه بالتأكيد من خصائص المجتمعات المحتقنة غير القادرة علي تصريف احتقانها في مسالكه الصحيحة







