رياض حسن مهرام يكتب …..عن طابا والتحكيم وسلك العقيد زيدان

  • فى عام 1983 عملت طبيبا فى طابا لمدة شهرين، المعروف أن طابا تقع فى فى نهاية خليج العقبة شمالا وتشرف على جزيرة فرعون التى يوجد بها قلعة صلاح الدين إحدى القلاع الأيوبية التاريخية على الحدود بين مصر وفلسطين، كنت أشاهد من طابا ميناء العقبة الأردنى ومنطقة حلة عمار السعودية وميناء إيلات بمرأى العين وأنا اقف على أرض مصرية، كان فى وقتها توجد قرية طابا “المتنازع عليها” تحت الإحتلال الإسرائيلى وأخرى تسمى طابا المصرية بها بعض المكاتب الإدارية ومحطة تحلية مياه صغيرة وكرفانان خشبيان صغيران ييكونان وحدة صحية، وكان الجزء المحتل يشمل فندق “سونيستا” وقرية سياحية صغيرة وبين القريتين سلك شائك يفصلهما، داخل هذا السلك توجد منطقة محايدة يسمح فيها “حسب اتفاقية كامب ديفيد” بالإختلاط بين المصريين والإسرائيلين، قائد المنطقة المصرية وقتها كان العقيد زيدان الذى رفض بشدة دخول أى مصرى الى تلك المنطقة المحايدة، وبعد أن يئست إسرائيل من الإستفادة منها فى التطبيع قررت ذات صباح تحريك السلك الشائك وضمها اليها، (ذكرياتى كثيرة عن تلك الفترة ربما أعود اليها مرة أخرى)، بالنسبة لقضية إسترداد طابا فقد بدأت مباشرة أثناء إنسحاب إسرائيل من المنطقة ج فى سيناء فى نهاية عام 1981، حينها رفضت إسرائيل الخروج من طابا باعتبار أنها تتبعها وأثارت خلافا حول 14 نقطة حدودية أهمها النقطة 91 التى تشمل طابا، وقتها لم تشأ السلطات المصرية إفساد فرحة المصريين بعودة سيناء وقررت التفاوض حول نقاط الخلاف لاحقا، وتقرر تشكيل لجنة عليا لإدارة المفاوضات تضم 24 شخصية من الخبراء العسكريين والدبلوماسيين والتاريخيين على رأسهم وزير الخارجية عصمت عبد المجيد فى الوقت الذى تمسك فيه حزب الليكود الحاكم فى إسرائيل برفض التحكيم الدولى والإحتكام فقط لشروط إتفاقية كامب ديفيد بهذا الخصوص والتى تنص على المفاوضات ثم التوفيق بوساطة أمريكية قبل الموافقة على التحكيم، وبعد وصول حزب العمل للحكم وافق شيمون بيريز على التحكيم، وكانت حجة إسرائيل أن الإنسحاب من طابا يعد سابقة يمكن القياس عليها وأن تلجأ لها أطراف أخرى فى الإنسحاب الكامل “من الأراضى وليس أراض فقط” يضعها بالضرورة تقيل الإنسحاب من هضبة الجولان والأراضى الفلسطينية التى إحتلت فى 1967، وبعد قبولها بالتحكيم الدولى قررت المحكمة الدولية “بعد مداولات طويلة إستمرت 6 سنوات” إصدار حكمها التاريخى فى سبتمبر 1988 والذى تضمن القبول بالمطلب المصرى الخاص بالعلامة 91 وحق مصر فى طابا بينما إستثنت 4 نقاط حدودية لصالح إسرائيل، حاولت إسرائيل الضغط على المفاوض المصرى لقبول إستئجار طابا لمدة 99 سنة بمقابل مغرى لكن مصر رفضت العرض وإستعدناها خالصة لنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.