يحكى فى الزمن البعيد أن حاكماً دعا رساماً لرسم لوحتين مختلفتين ومتناقضتين … فهداه تفكيره ان يجمع بين الفضيلة والبراءة فى صورة ملاك والرذيلة والقبح فى صورة الشيطان .. وبدأ فى رحلة البحث عن مصدر يستوحى منه هذين المتناقضين … بادئاً فى بحثه عن البراءة عثر على طفل جميل برىء عيناه تفوج فى بحر من السعادة .. وبدأ الرسم وبعد شهر أخرج لوحة غاية فى الجمال والروعة .. أبهرت أعين الناس فى ذلك الحين .. وابتدأ رحلة أخرى باحثاً عن شخص يستوحى من وجه صورة الشيطان بحث كثيراً واستغرق سنوات عدة زار خلالها الرسام السجون والحانات واماكن المجرمين والمسجلين خطر دون جدوى .. الى أن عثر على شبيه الشيطان وكان رجلاً قبيح الشكل .. سكير .. تفوح رائحة القذارة والخمر من ملابسه .. عديم الروح .. وقد وعده الرسام بمبلغ من النقود حتى ييوافقه أن يرسمه ويكمل تحفته الفنية …وافق الرجل شبيه الشيطان فكان لا يأبه بالكلام وصوته عال وفمه خال من الأسنان …فرح الرسام بقرب انتهاء تحفته الفنية .. وما إن شرع فى الرسم اقترب من ملامح هذا الشيطان الجالس امامه فإذا به تنزل دموعه على خده ..استغرب الرسام وسأله اذا كان فى حاجة للخمر أو محتاج يدخن السجائر ..فأجابه بصوت أقرب للبكاء المختنق .. انت ياسيدى زرتنى منذ أكثر من أربعين عاماً حين كنت طفلاً واستلهمت من وجهى صورة الملاك و اليوم تستلهم منى وجه الشيطان !!! لقد غيرتنى الأيام حتى اصبحت نقيض ذاتى بسبب افعالى حدث ذلك فى الماضى ويتكرر علينا يومياً.. خلقنا تعالى جميعاً ملائكة بلا أخطاء ولا ذنوب .. الفضيلة لا الرذيلة … الخير… لا الشر أفعالنا هى التى تقودنا الى الخير او الشر . نحن الذى نضل الطريق سعياً لإشباع رغباتنا بأى شكل ولو على حساب الآخر . نلوث جمال أنفسنا بقبيح صنعنا .. نختار السهل حتى لا نتكلف مشاق الصعب الخير والشر اختيار وضعهم الله لنا فعلينا حسن الاختيار .. قال تعالى ” وهدينه النجدين ” وقفة مع انفسنا نقوم بها سلوكنا .. نهذب رغباتنا .. نقيم حقوقنا وواجباتنا نحو انفسنا والآخر محاولة للابقاء على الملاك القابع بداخلنا اطول مدة قدر الإمكان .. الكلام موجه لى قبلكم .. فأنا لست ملاكاً بلا أخطاء .