أشرف الريس يكتب : القِيمه و السُلوك فى تيران و صَنافير

من المَعلوم فى عِلم النَفس أن كل سُلوك إنما ینبثق مِن قیمه تَدفع إليه فالقیم هى الدوافع المُحركه و المُنظمة دائمآ للسُلوك ,, و القیم لا یُقصد بها فقط القیم الشَریفه و لا السامیه بَل قَد تكون مُتدنیه جدا و قد لا تَتَجاوز المادیات المُجرده كالذى یُحرك سُلوكه فى الحیاه حُب المال فالمال هو قِیمته التى تَتَحكم فى كل سُلوكیاته .. فالطِفل الذى لدیه سُلوك عُدوانى مَثلا تِجاه الآخرین مِن أكبر الأخطاء التى یتم التَعامل بِها مَعه هو أن یبدأ أهله فى مُواجهة هذا السُلوك دون النَظر للقیم التى أدت إلیه فَیقومون بضربه و مُعاقبته مِما قد یزید من عُدوانیته بینما العِلاج النَفسي الصحیح لا یُعالج السُلوك الظاهر بل یبدأ فى مُعالجة القیم التى تَرسخت داخل هذا الطِفل و جَعلت سُلوكه عُدوانیا فقد یكون السَبب هو شُعوره بالنقص و هى قیمه سَلبیه تَدفعه لهذا السُلوك و قد یَكون التقلید لشَخص یُحبه له قیمة عِنده و هَكذا یَتم تَصحیح القِیم داخل الطِفل وبَعدها سَینضبط سُلوكه تِلقائیا . و قد یَنبع السُلوك الواحد من قیم مُختلِفه فالإتفاق السُلوكى لا یَدُل دائما عَلى الإتفاق القِیمى هذا هو ما یسمى بِتقاطع المصالح ,, فَتَقاطُع المَصالح لا یَعنى أبدا الاتِفاق فى القِیم بل تَعنى أن الأطراف المُختلفین ” قیمیا ” تقاطعت مَصالحَهُم فى سُلوك مُعین ,, و من أمثلة الإتِفاق السُلوكى ماحَدث فى ثورة 25 یَنایر فقد تَوافقت تَیارات و جَماعات و أفراد عَلى سُلوك مُشترك و هو المُطالبه بإسقاط نِظام اللص مٌبارك و رَحیل رأسه رَغم إختِلاف القیم فَمنهم من كانت تَدفعه قِیمآ دینیه و مِنهم مَن كانت تَدفعه قِیمآ لیبرالیه أو عَلمانیه و هكذا كان الوضع عَليه فى ثورة 30 يونيو فَقد إمتلأت المَيادين بالمَلايين الرافضه لحُكم الرئيس الجاسوس محمد مُرسى بِصفة خاصه و الإخوان بصفة عامه و لكن تلك الملايين كانت أيضا مُختلفة القيم فَمِنهم من كان غاضب مِن حُكم الإخوان البَغيض لعِشقه لبلاده و منهم من كان يُمنى النفس بعودة النِظام القَديم الذى رَحل بعد ثورة 25 يناير مَرة أخرى و هو ما إتضح للأسف الشديد بعد ذلك … و إذا طُبقت هذه النَظرة التَحلیلیه سَتكتشف أن كَثیرا مِن حَركات المُعارضه فى بلادنا قد تَشترك مع الِنظام فى القِیم و تَختلف مَعه فقط فى السُلوك و لهذا السَبب قد یَشترك البَعض مَعك في سٌلوكك المٌعارض للنِظام الیَوم و لكِنه یَحمل قِیما مٌختلفة تَجعله یَقف مَع النظام و یُحاربك غَدآ و خصوصآ حين يَظهر عَلى حقيقته لك و يتضح مثلا إنه لم يكن يُعارض النظام بِقدر ماكان يُمارس مهنة مُعارضة النِظام !! و هناك فَرق جَوهرى مابَين النَوعَين فالنوع الأول يُعارض النِظام فى سَلبياته فقط لوطنيته الشديده النابعه من عِشقه لبلاده و لا يُعارض الإيجابيات بل يُثنى على النِظام حين يُحققها و هَذا نَوعٌ مَحمود و مَقبول و مَطلوب مِن المُعارضه ,, أما النَوع الثانى فَهو يٌعارض النِظام فى سَلبياته و إيجابياته أيضا !! و لكن بعد أن يَقوم بِقلب تِلك الإيجابيات إلى سَلبيات بإنكار الإيجابيات !! أو بِتحريف حَقائقها !! أو حَتى بتزوير التاريخ !!! كما حَدث مؤخرآ مِن بَعض مَن يَمتهنون تلك المِهنه حين حاولوا أن يَثبتوآ كَذبا و إفكآ و زورآ و بُهتانآ إن جَزيرتى تيران و صنافير مِصريتان و إن الرئيس السيسى قد باعهُما مُقابل الأرز !! و هُم يَعلمون تَماما عِلم و عَين و حَق اليَقين تاريخيآ و وثائقيأ أيضآ أن الحَقيقه عَكس ذلك بالمَره و بأنهُما كانا يَخضعان فَقط مُنذ سَنة 1950 للحِمايه المَصريه بِموافقة المَملكه السُعوديه و لكِنهم للأسف الشَديد حَريصون كل الحِرص عَلى عَدم فَقدهم لمِهنتهم المُفضله ” المُعارضه ” أكثر من حِرصهم عَلى فقد مِصداقيتهم أمام أنفسهم و أمام مَن كانوآ يَحترمونهم يومآ ما و يَصفونهم على سَبيل الخطأ بالمُعارضين الوَطنيين بَعدما إتضح لهم عَكس ذلك إنهم ليسوا أكثر من مُرتزقه كانوا و لازالوا يُمارسون مِهنتهم و يَستبسلون بالباطل مِن أجل إستمرارِها و دَوام الرِزق الحَرام الذى يأتى مِن جَراء مِهنتهم القَميئه أو مُجرد مَرضى بِحب المُعارضه عَلى طول الخَط حتى يُعوضوآ كثيرآ مِن مُركب النَقص فى تَركيبة شَخصيتهم لأنَهم يُؤمنون بِنظرية ” أنا أعارض فإذا أنا مَوجود ” !!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.