حسين  خلف موسى يكتب … صعيد مصر أبناء الصمت

صعيد مصر يعنى محافظات مصر الجنوبية والتي تبدأ من محافظة الجيزة شمالا  حتى محافظة أسوان جنوبا وسميت بصعيد مصر اى الأرض المرتفعة العالية ومن المعروف أن ارض مصر تتدرج من الارتفاع جنوبا نحو الانخفاض شمالا ويتميز صعيد مصر بخصوصية نادرة وهى الارتباط القبلي أو العصبية القلبية والتي تعنى ارتباط الجماعة أو الأسرة والعائلة بعضهم بعض مع وجود  كبير لكل عائلة يرعى شئونهم وينظم مشكلاتهم مع غيرهم … ومن المشتهر عن أفراد  الصعيد أن قلوبهم قاسية كالحجارة واكفهم صلبة كالفولاذ لا يتبسمون أبدا … وهذا خطا شائع فهم لهم قلوب ومشاعر يشعرون بها لكنهم دربوا أنفسهم وساعدتهم الظروف البيئية والاجتماعية  على التحمل والسيطرة على النفس كالحديث النبوي الشريف الذي يقول ” اخشوشنوا فان التنعم لا يدوم   ” .
 
   والمتتبع لأحوال الصعيد منذ القدم يجد انه ساهم من القدم في بناء مصر …..  ففي العصر الفرعوني عندما اجتاحت جموع الهكسوس ارض مصر قامت جنوب مصر خاصة بلاد النوبة بالتعاون مع الأسرة الحاكمة (الملك أحمس ) بإعداد جيش جديد وتم تحرير مصر من مغتصبيه
وفى العصر الحديث عندما جاءت الحملة الفرنسية وسيطرت على مدن القاهرة والإسكندرية هب الجنوب وإرسال الفرنسيون ابرع رجالاتهم لإسكات الجنوب فقامت عدة معارك منها معركة سوهاج التي حدثت في يناير 1799م  حيث كلف الجنرال دافو لقمع ثورة مديرية جرجا آنذاك واحتشد أربعة ألاف من الفلاحين المسلحين بالبنادق والحراب يشد أزرهم سبعمائة من الفرسان ونشب القتال وقدمت المقاومة الشعبية ثمانمائة من الشهداء ومع ذلك لم تكسر شوكة الثائرين فجهزوا أنفسهم لمعركة أخرى معركة طهطا وقدمت المقاومة 950شهيدا ومع ذلك استمرت المقاومة في معظم المدن  فكانت معركة الصوامعة وبريس وغيرها
وفى الثورة العرابية : عندما جاء احمد عرابي ووجد أن خزانة الدولة خاوية هب صعيد مصر لنصرة بلاده فنجد صعيد مصر يتبرع من قوت يومه لنصرة بلاده  فنجد عمدة البلينا حميد أبو ستيت يتبرع بألف إردب  من الغلال وأربعة آلاف ثوب وثلاثين حصانا ..كما نجد أعيان مركز طهطا يتبرعون بمائتي إردب قمح
والدليل على حبهم لبلادهم نص البرقية التي أرسلت لعرابي ومحفوظ منها نسخة في دار الوثائق القومية
هذا نصه (  ” نحن وأهلنا بمديرية جرجا مستعدون للجهاد في سبيل الله نلتمس إرسال وأبور لحضورنا بمورده ( شاطئ )   البلينا  ” ) .وفى العهد الحديث نجد أن صعيد مصر دعم ثورة الثالث والعشرين من يوليو وإعلان تايده للثورة منذ بدايتها
عظماء من صعيد مصر :
وبالرغم من الإهمال الشديد الذي تعرض له جنوب مصر على يد حكامه من إهمال في التعليم والصحة والفقر الشديد مما جعل نسبة منهم تهمل التعليم سعيا وراء لقمة العيش التي أصبحت تأتى بالكاد وكذلك قلة الاستثمارات والتي جعلتها محافظات طاردة للسكان وبالرغم من هذه الظروف كلها إلا أننا نجد أن منهم الكثيرين ساهموا في إثراء الحياة الثقافية والسياسية ففي القدم نجد الشيخ على يوسف مؤسس جريدة المؤيد والكل يعرف دورة في نشر الحياة التنويرية ومنهم عضو مجلس شورى النواب في عهد الخديوي إسماعيل  النائب تمام حبارير حيث كان ضمن اللجنة المشكلة من خمسة عشر عضوا لوضع اللائحة الأساسية لمجلس شورى النواب وهى بمثابة اللجنة الدستورية حاليا  ومنهم أيضا :
رفاعة الطهطاوي            سوهاج               * الموسيقار عمار الشريعي                         المنيا
الأديب طه حسين          المنيا                  *الشيخ احمد الطيب شيخ الأزهر                الأقصر
عباس محمود العقاد        أسوان              * الشيخ محمود المراغى شيخ الأزهر             سوهاج
عبد الرحمن الابنودى       قنا                 * الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر       سوهاج
  وغيرهم كثيرون
صعيد مصر وثورة الخامس والعشرين من يناير   والثلاثين من يونيو :
وعندما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير سارعت محافظات صعيد مصر بالمشاركة في الثورة ودعمها في محافظات عدة من أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط  والمنيا والفيوم وبني سويف والجيزة والبحر الأحمر والوادي الجديد وسافر منهم الكثيرون لميدان التحرير لمؤزرة إخوانهم هناك وقدم صعيد مصر العديد من الشهداء في سبيل وطنه … وفى الثلاثين من يونيو وقف الصعيد أيضا بجانب إرادة المصريون أيضا
مفارقات عجيبة
رسالة إلى القيادة السياسية  :
هناك مفارقات عجيبة تحدث والزمان يعيد نفسه .. نجد نفس التجاهل من قبل القيادات لصعيد مصر فلم نجد من يمثلهم في ائتلافات الثورة  بالرغم من أن التعداد السكاني لمصر يتجه لصالح الجنوب الذي أصبح مهملا فهل ننتظر حتى يكرر سيناريو السودان نفسه وينقسم الجنوب والشمال … اننى حزين كل الحزن لإهدار طاقات معطلة أو بمعنى أدق كاسحات ألغام قادرة على اكتساح جذور الفساد وبناء دولة ديمقراطية سليمة البنيان  إذا سمح لها القدر بذلك
 
وفى النهاية أتوجه برجاء خاص
إلى كل مصري مسلم كان أو مسيحي … إلى كل امى ثكلى في فقيدا لها ..إلى كل أخ فقد عزيزا … إلى كل قطرة دمت سالت ونادت وسالت باى ذنبت قتلت  أتوجه لهم جميعا بالشكر والتقدير وعرفان بدورهم الكبير والهام في إنجاح الثورة …وأتوجه إلى عموم المصريون برجاء خاص بترك المطالب الفئوية والنظر إلى المستقبل المشرق إلى فجرا جديد يحمل كل خيرا وإعطاء فرصة للحكومة الجديدة لترتيب البيت الذي أوشك أن ينهار وان نترك الأنانية قليلا ونغلب مصلحتنا العامة على مصالحنا الخاصة
 
ومن خلال مقالتي هذه أتشرف بعرض مجموعة من المقترحات تضمنتها بعض الدراسات البحثية التي
 قمت بها….. تساهم بأذن الله في حل ما نحن  فيه من ركود وهى :
1- تفعيل هيئة الرقابة الإدارية وجعلها وزارة مستقلة وتكون مهمتها الوحيدة بحث شكاوى المواطنين
  في القضايا المتعلقة بالفساد الادارى ويرأسها قضاة وتشكل من مجموعة من  مختلف التخصصات
2- وضع حد أدنى للأجور مع السماح بإعطاء مكافأة إثابة على الإنتاج مع محاسبة المدير المسئول الذي
 منح المكافأة إداريا إذا وجدت مجاملة
3-الاستعانة بقوات الأمن المركزي وفرق الأمن كشرطة نظام وعمل دوريات متنقلة مكثفة تجوب جميع الأحياء فالهدف الامنى الأسمى منع الجريمة قبل وقوعها فلن نستفيد شيئا ببقاء هذه القوات في المعسكرات والاستعانة بها بعد حدوث الأزمة .
4- بدء حملة قومية لجمع التبرعات لدعم الاقتصاد المصري حملة جاد تحت شعار يوم الوفاء للوطن
5-  إنشاء إدارة خاصة للتجنيد للشباب وجعله الزاميا ومده عامان وتوجيه هؤلاء الشباب إلى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة والذي بدور يكون مكلفا بتعمير الصحراء وبالتالي    نقضى على  طابور
البطالة وزدنا مصدر الدخل القومي
6- تفعيل دور  وزارة القوى العاملة في معرفة الوظائف الشاعرة وجعل التعين بالدفعة الأقدم تخرجا ثم
 والأكبر سنا في الوظائف النمطية أما الوظائف العلمية والسيادية تكون بالأفضلية وعن طريق المسابقات
وأخيرا
أقول كما قال الشاعر على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
تحيا مصر حرا جميل عامرا بابناءه وتاريخه وحضارته التي أنارت العالم لقرون طويلة مضت وأننا
 على  الدرب لسائرون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.