علاء ثابت يكتب ….الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة

عندما تنطق الحكومة أتمني أن تصمت, فعادة تنطق بما لا يقنع أحدا, أو تتكلم متأخرة جدا, بعد أن يكون الرأي العام قد تشكل, فيصبح كلامها مثل عدمه.من السهل أن نلاحظ أن الحكومة في واد والناس في واد آخر تماما, ويبدو أن الحكومة لا تهتم بمشاكل الناس اليومية أو تستمع لهم, ولهذا فإن الناس بدورهم لا يستمعون إلي ما تقوله الحكومة, ويتشككون في صحته حتي لو كان صادقا, وبالطبع ليس العيب في الناس, ولا يمكن أن نغير الشعب حتي يتوافق مع الحكومة ويصدق ما تقوله, فالطبيعي أن تكون الحكومة معبرة عن الشعب وصادقة معه, فما السبب في هذه الفجوة الكبيرة بين الناس والحكومة؟
قد تكون الحكومة تعمل بدأب علي الملفات المهمة, ومعنية بالقضايا الحيوية, لكنها تخفي عن الناس الكثير مما تفعله, والجزء اليسير الذي تعلنه عادة ما يصدم الناس, مثل الإعلان عن قرب اتخاذ إجراءات لخفض الإنفاق, وأن فترة صعبة تنتظر المصريين, وكأننا تعبنا من الظروف المعيشية السهلة, ونريد أن نجرب الظروف الصعبة علي سبيل التغيير.
تصمت الحكومة عن الكثير من الأحداث والمشاكل, في الوقت الذي ينتظر فيه الناس من يشرح أو ينفي أو حتي يبرر سبب وقوع الأحداث المؤسفة الكثيرة أو الأخطاء الفردية اليومية, وعندما تنطق الحكومة أتمني أن تصمت, فعادة تنطق بما لا يقنع أحدا, فيأتي قولها غير متسق مع الواقع أو الشائع, فيبدو نشازا, أو تتكلم متأخرة جدا, بعد أن يكون الرأي العام قد تشكل, فيصبح كلامها مثل عدمه.
هناك فجوة كبيرة بين الحكومة والشعب, ربما لم تفلح في جسرها, عندما دعت بعض رؤساء التحرير للقائها, فليس بهذه اللقاءات مع رؤساء التحرير يمكن تقليص الفجوة, وإنما بسياسة إعلامية جديدة تقوم علي الشفافية, وتوفير البيانات الدقيقة, وإقامة حوارات مجتمعية حول القضايا الحيوية, ليشعر الناس أنهم شركاء في اتخاذ القرار, وليس آخر من يعلم, فيلجأون إلي الاطلاع علي ما يحدث في مصر من وسائل الإعلام الأجنبية أو الصحف والمواقع الإلكترونية أو أدوات التواصل الاجتماعي, حيث تختلط الحقائق بالأكاذيب, وعندها يشتد ضغط الرأي العام علي الحكومة, فلا تستطيع كسبه أو مواجهته, ثم تعلق أزمة الثقة علي شماعة وجود جماعات عميلة أو صحافة تثير الرأي العام, وتتناسي أن في متناولها قنوات وصحفا قادرة علي التأثير, لو أحسنت مخاطبتها, ووفرت لها المعلومة الدقيقة والخبر الصحيح الوافي, وسهولة تدفق المعلومات من خلال التواصل مع الإعلام بطريقة تحترم عقول الجماهير, وتطلعهم أولا بأول علي مجريات الأحداث, وتنسي الطرق التقليدية القديمة, التي تظن أن إخفاء المعلومات هو الأسلم, وأن الناس لن يعرفوا إلا ما تريد الحكومة أن يعرفوه, فقد تطورت وسائل الإعلام, ولم تعد حكرا علي أي جهة مهما كانت قوتها, ولهذا يجب أن تتعامل الحكومة مع واقع أن الناس سيعرفون ما يجري إن لم يكن منها فمن آخرين, والأفضل أن تبادر بكشف الحقائق أولا بأول, وأن تبني جسورا من الثقة والاحترام مع الشعب, تبدأ بأن تكون حريصة علي المكاشفة والمشاركة, وأن تكون مقتنعة أن من حق الشعب أن يعرف السلبيات والإيجابيات, والخطأ والصواب, وليس فقط أن تبدو الأوضاع علي الوجه الأكمل والمضيء.
هكذا يمكن أن تبني الحكومة جسورا قوية, وتكسب المزيد من الثقة, بما يحصنها من انتشار أي أخبار كاذبة أو مغلوطة, وتحبط أي حملة تتعرض لها, فهل يمكن أن تتبع هذا الطريق القصير والصعب نحو الحقيقة؟؟

 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.