حمص….قصيده للشاعر رسمي اللبابيدي

ياقلب مهلا لو رحلت عن الحمى

ستعود تذكر عهد هند أو لما

أنى ابتعدت إلى الشآم ستهتدي
لترى اللواتي قد سفحن بك الدما

فاصبر على نزو الحراح ولا تهن
من سهم جفن إن رماك تظلما

وارجع تجد في حمص وجهة عاشق
من عهد آدم و وبعد نوح وقبلما

ميماس جمص ملاذ شوق دافئ
ومزار حب لمن أتاه متيما

وانظر ترى في وجه كل مليحة
نورا أضاء لك السماء وأنجما

وترى الحواري في جنان محبة
أحلى وأجمل من رأيت وأكرما

فتبارك القلب الذي عرف الهدى
حين اقتفى أثر الهوى وتعلما

كم ضاع في نغم الفتون مجاهد
ومضى إلى دبلان حمص وسلما

ورأى الجفون الناعسات من الونى
وارتاع من غمز العيون واسلما

ولما اشتكى عنهن بعد غواية
أضحى لهن أسير حب معدما

عرف التراب بأرض حمص مياركا
ونوى الوضوء من الثرى وتيمما

وقضى المناسك كي ينال وما ارتدى
غير البياض من الثياب وأحرما

وسعى شريدا في الدروب معاتبا
منهن من نظرت له حتى ارتمى

وكم ارتمى بظلال جفن جاحد
من صد ريم أو غواية مريما

ما للظباء وقد سرحن نوافرا
عني وكنت لهن عبدا مغرما

و حجبن عن أيدي الكرام تحية
و الثغر إن رفع السلام تلعثما

دعد تروح ومروة لا ترتضي
وهند تخاف أمها أن تعلما

كل تعود عن اللقاء و ترتدي
أثواب طهر كافر ما أسلما

في حمص لي بين الظباء غزالة
ترعى القلوب لترتوي قبل الظما

فإذا شكوت لها الحنين تدللت
أو أسبلت طي الجفون لتحلما

ولما رأتني في الطريق تلفتت
قالت تعال إلى الديار لتسلما

في البيت أهل للمروءة و الندى
حفظوا الوداد لمن أتى أو يمما

وأعرض على أهل الديار خطوبة
كي لا تعود إلى الدروب فتثأما

قالت وراحت في الزحام وأرسلت
وعدا على كحل الجفون تحطما

لعبت على غنج الدلال فأحرقت
صدرا تورع أن ينال وأحجما

هل من دواء يرتجى لي بالهوى
و العمر من غدر الزمان تقدما

شمس الشباب مع الغروب تناثرت
وتناثر القلب الشجي على الحمى

ما للسنين وقد لبست ردائها
تجري كذئب جائع لم يطعما

في الأربعين هداية و جهالة
و العقل إن لعب الغرام تشرذما

ما زال من رمق الفتوة بهجة
أشتاق إن طير شدا وترنما

ما زلت أذكر من عبير لقائها
بحرارة قد أشعلت فيها الدما

تبغي الرحيل فلا تطيل بقائها
خوف العذول إذا رأى وتكلما

تبدي الصدود ولا تجود بعطرها و تقي الخدود مخافة أن تلثما

و هناء إن عاد المساء وأسفرت
طلعت على بدر الدجى فتبسما

تلهو فينهض جيب صدر عامر
فيه القلائد لاعبت طير السما

تهوى السلاسل في الرقاب وحبذا
لو لف قيد إصبعا أو معصما

تبغي الثواء مع القيود أسيرة
عل الحبيب إذا رأى أن يرحما

وتنام ليلى في الصباح عليلة
تطوي على جرح المحبة بلسما

تغفو على حلم جميل ماارتوى
من طيف حب في المنام تقدما

كسراب ماء إن بدا عنهاا انثنى
أبدى القبول وبعد حين أحجما

حتى إذا مر النسيم بخدرها
ورأى بها ذل الهوى وتألما

فمضى إلى نهر المحبة واشتكى
وحكى له قصص الغرام وأقسما

والعاصي من ألم الأحبة كم بكى
وسقى العطاش زلال ماء زمزما

فجرى بسيل في الجنائن دافق
يروى الفؤاد وكل قلب ملهما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.