“إذا أفلست حقوق الإنسان في ألمانيا، فتشت ميركل في دفاترها القديمة،” وفي الذكريات دوما يختبئ الشيطان. لكن شيطان ألمانيا اليوم ليس بهلويا ولا بينوشيا، ولكنه يعتمر طربوشا تركيا تتدلى منه خيوط سوداء فوق حاجبه الأيسر. ولأن سلطان تركيا يهش بعصاه على المهاجرين من بلاد العنف والقصف واليأس، فباستطاعته أن يمد قدميه في وجه الحريات وهو يفرد شاربه المنفوش فوق الخارطة.
لم يكتف أردوغان بمطاردة معارضيه، وإلقاء منتقديه في غياهب اليأس، وإغلاق الصحف وقمع الحريات في الداخل التركي، فراح يطارد كل من تسول له نفسه التهكم على الحاكم بأمر الشعب، وإن كان كوميديا ألمانيا. منذ انتخابة رئيسا لتركيا، استطاع أردوغان أن يسجل رقما قياسيا في عدد القضايا التي رفعها ضد معارضيه، إذ بلغ عدد تلك القضايا ألفا وثمانمئة وخمسة وأربعين قضية، كلها ضد أصحاب الرأي والفكر والقلم.
لن يستطيع معارضو الداخل بعد اليوم أن يتعلقوا بأستار الحريات الغربية، خاصة بعد أن منحت أنجيلا ميركل الحاكم الطيب الحق في مطاردة مواطنيها داخل حدودها الملتهبة متكئة على قانون في دفاتر البلاد القديمة لم يطبق إلا على معارضي الشاة محمد رضا بهلوي في سبعينات القرن الماضي، ومعارضي الدكتاتور أوجاستو بينوشيه في ثمانيناته. وهكذا، أصبح قانون 1871 سيئ السمعة خنجرا في خصر الحريات في ألمانيا يلوح به كل زعيم يريد أن يغمض عينيه عن انتهاكاتنا المقدسة، حتى وإن اخترقت حدود بلاده.
يستطيع قاضي أنطاليا التركية أن ينام قرير العين بعد أن قرر حبس مواطنه رفعت سيتن سنة مع الشغل والنفاذ لأنه تجرأ على العيب في الذات الأردوغانية ذات تهور، ويستطيع أن يسند ظهره على حائط غربي غير آيل للنقد أو النقض وأن يخرج لسانه لجماعات حقوق الإنسان في بلاده لأنه لا حول لهم اليوم ولا ظهير.
الحقوقيون في ألمانيا حانقون على ميركل، وعلى قانون ميركل، لكنهم لن يستطيعوا أن يكسبوا معركتهم ضد أوراقهم الصفراء إلا عام 2018، بوعد من المستشارة الضعيفة وحكومتها العاجزة. أما الحقوقيون في تركيا، فلا يعولون على دساتير بلادهم لأن أحدا من حكام جزر الموز لن يبطل القوانين ضد الحريات يوما، ولن يتنازل عن حقه الدستوري في البطش بكل معارضيه وإن كره الحقوقيون. يثق الأتراك أن مشرعي بلادهم مخلصون جدا لأحكامهم السلطانية العرجاء التي تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن عام ولا تتجاوز الثلاثة أعوام كل من تجرأ على الذات الملكية وإن بكاريكاتير لا يقدم ولا يؤخر في نواميس الحريات.
يعلم أردوغان يقينا أن طوابير اللاجئين خلف أسلاكه الشائكة أقوى من الحريات الغربية المنقوصة، ويعرف من أين تؤكل الكتف الألمانية البضة، ولذلك يجند الآلاف من رجال القانون في بلاده وخارجها ليحافظوا على حقه القديم في التسلط والبطش. ويعرف جيدا أن التواقين لعصور الخلافة سيغفرون له ولحكومته كل انتهاك.
سيجد المفتونون بشوارب الخليفة الموعود آلاف المبررات في سجلات البطش القديم، وسيقولون يكفي أن الرجل لا يحاكم مخالفيه أمام محاكم عسكرية، ولا يرسل زوار الفجر ليشدوا المعارضين من أقفيتهم ليلقوا بهم فوق أرصفة المهانة. وكأن سيف القانون يقطع بالعدل في لحم خرائطنا المستباحة، يكفي أن يعلم هؤلاء أن رفعت سيتن، والذي سيقضي سنة شاقة من عمره خلف القضبان قد حوكم بتهمة إهانة الرئيس لأنه شبهه بشخصية جولام من فيلم “ملك الخواتم” رغم أنه قد فعل ذلك وقت أن كان أردوغان رئيسا للوزراء.
أخيرا، إن كان إلغاء قانون 1871, سيرفع الحرج عن كاهل كل مستشار بعد تحت خط القانون
“إذا أفلست حقوق الإنسان في ألمانيا، فتشت ميركل في دفاترها القديمة،” وفي الذكريات دوما يختبئ الشيطان. لكن شيطان ألمانيا اليوم ليس بهلويا ولا بينوشيا، ولكنه يعتمر طربوشا تركيا تتدلى منه خيوط سوداء فوق حاجبه الأيسر. ولأن سلطان تركيا يهش بعصاه على المهاجرين من بلاد العنف والقصف واليأس، فباستطاعته أن يمد قدميه في وجه الحريات وهو يفرد شاربه المنفوش فوق الخارطة.
لم يكتف أردوغان بمطاردة معارضيه، وإلقاء منتقديه في غياهب اليأس، وإغلاق الصحف وقمع الحريات في الداخل التركي، فراح يطارد كل من تسول له نفسه التهكم على الحاكم بأمر الشعب، وإن كان كوميديا ألمانيا. منذ انتخابة رئيسا لتركيا، استطاع أردوغان أن يسجل رقما قياسيا في عدد القضايا التي رفعها ضد معارضيه، إذ بلغ عدد تلك القضايا ألفا وثمانمئة وخمسة وأربعين قضية، كلها ضد أصحاب الرأي والفكر والقلم.
لن يستطيع معارضو الداخل بعد اليوم أن يتعلقوا بأستار الحريات الغربية، خاصة بعد أن منحت أنجيلا ميركل الحاكم الطيب الحق في مطاردة مواطنيها داخل حدودها الملتهبة متكئة على قانون في دفاتر البلاد القديمة لم يطبق إلا على معارضي الشاة محمد رضا بهلوي في سبعينات القرن الماضي، ومعارضي الدكتاتور أوجاستو بينوشيه في ثمانيناته. وهكذا، أصبح قانون 1871 سيئ السمعة خنجرا في خصر الحريات في ألمانيا يلوح به كل زعيم يريد أن يغمض عينيه عن انتهاكاتنا المقدسة، حتى وإن اخترقت حدود بلاده.
يستطيع قاضي أنطاليا التركية أن ينام قرير العين بعد أن قرر حبس مواطنه رفعت سيتن سنة مع الشغل والنفاذ لأنه تجرأ على العيب في الذات الأردوغانية ذات تهور، ويستطيع أن يسند ظهره على حائط غربي غير آيل للنقد أو النقض وأن يخرج لسانه لجماعات حقوق الإنسان في بلاده لأنه لا حول لهم اليوم ولا ظهير.
الحقوقيون في ألمانيا حانقون على ميركل، وعلى قانون ميركل، لكنهم لن يستطيعوا أن يكسبوا معركتهم ضد أوراقهم الصفراء إلا عام 2018، بوعد من المستشارة الضعيفة وحكومتها العاجزة. أما الحقوقيون في تركيا، فلا يعولون على دساتير بلادهم لأن أحدا من حكام جزر الموز لن يبطل القوانين ضد الحريات يوما، ولن يتنازل عن حقه الدستوري في البطش بكل معارضيه وإن كره الحقوقيون. يثق الأتراك أن مشرعي بلادهم مخلصون جدا لأحكامهم السلطانية العرجاء التي تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن عام ولا تتجاوز الثلاثة أعوام كل من تجرأ على الذات الملكية وإن بكاريكاتير لا يقدم ولا يؤخر في نواميس الحريات.
يعلم أردوغان يقينا أن طوابير اللاجئين خلف أسلاكه الشائكة أقوى من الحريات الغربية المنقوصة، ويعرف من أين تؤكل الكتف الألمانية البضة، ولذلك يجند الآلاف من رجال القانون في بلاده وخارجها ليحافظوا على حقه القديم في التسلط والبطش. ويعرف جيدا أن التواقين لعصور الخلافة سيغفرون له ولحكومته كل انتهاك.
سيجد المفتونون بشوارب الخليفة الموعود آلاف المبررات في سجلات البطش القديم، وسيقولون يكفي أن الرجل لا يحاكم مخالفيه أمام محاكم عسكرية، ولا يرسل زوار الفجر ليشدوا المعارضين من أقفيتهم ليلقوا بهم فوق أرصفة المهانة. وكأن سيف القانون يقطع بالعدل في لحم خرائطنا المستباحة، يكفي أن يعلم هؤلاء أن رفعت سيتن، والذي سيقضي سنة شاقة من عمره خلف القضبان قد حوكم بتهمة إهانة الرئيس لأنه شبهه بشخصية جولام من فيلم “ملك الخواتم” رغم أنه قد فعل ذلك وقت أن كان أردوغان رئيسا للوزراء.
أخيرا، إن كان إلغاء قانون 1871, سيرفع الحرج عن كاهل كل مستشار بعد ميركل، وسيطلق الحرية للأقلام والألسنة في ألمانيا لتخوض في سير الحكام قدس الله سرهم، فمن يرفع الحرج عن قوانيننا العرجاء وعن قضاتنا البواسل وعن شعوبنا التي ترزح تحت خط القانون منذ عقود. لك الله يا ألمانيا.
وسيطلق الحرية للأقلام والألسنة في ألمانيا لتخوض في سير الحكام قدس الله سرهم، فمن يرفع الحرج عن قوانيننا العرجاء وعن قضاتنا البواسل وعن شعوبنا التي ترزح تحت خط القانون منذ عقود. لك الله يا ألمانيا.