أمي …..نص للكاتب وليد العايش

 

كان الغبار يتكاتف كما سحب سوداء ، رجعت متعباً جائعاً , مرهقاً , مشتاقاً للحنان الأنثوي , استقبلني كلبي الأبيض بجبهته الرمادية الكثة , مداعبة رقيقة كما لم يداعبني إنسان من قبل , قبل أن أصل إلى منزلي الريفي المتواضع , بدأت بحلحلة أزرار قميصي , فاجأني أخي الصغير ( أمك مريضة ) , ارتعدت فرائصي , دقات قلبي المنهك أصلاً تحاول الوصول مسرعة , ساقاي ترتعدان , ارتعشتُ قليلاً لكنني تذكرت قول أبي ( كن رجلاً يا بني ) , وجدتها متمددة على السرير ، لم أكن اعلم بان أنفاسها الأخيرة هاجمت الغرفة , لثمت يديها ووجنتيها , ابتسمت , رنت إليّ بنظراتٍ غريبة , أحسستُ بحرارة العالم تخالج جسدي المتعب , شدّت على يدي , أدارت بوجهها صوب النافذة , حيث كانت نسمات خريفية تتلاعب بأوراق أشجار الصفصاف , الشمس بدأت عملية الهبوط الاضطراري , عادت إلي بنظراتها المرتعشة , تلعثمت لحظات , دنوت إلى ثغرها ، كانت تسأل عن حال الشام ، الدموع تمنعني من الكلام ، أخي يرتجف على حافة نافذة ، لحظات مرت كانت الأرض تحتسي كأسها الأخيرة ، أبي يصل لتوه ، مالبثت أن تماسكت وتمتمت : ( لاتخف ياولدي أنا بخير , الشام تمرض لكنها لاتموت ) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.