زهدي الشامي يكتب ….بدلا من الحوار و الإقناع أصبحت السياسة تمارس بالتسريبات

بدلا من الحوار و الإقناع أصبحت السياسة تمارس عندنا بالتسريبات و تسجيلات و أشرطة الفضائح . ولى عدة تعليقات على هذا الأمر . فأولا – إذا كان هناك من خدش للحياء و تحريض على الفجور ، فالبديهى هو أن المتهم الأول فى ذلك هو من سرب و أذاع ونشر مثل تلك الأشرطة و التسجيلات ، ولكننى فيما أرى لا أجد حالة واحدة قد تمت فيها محاسبة هؤلاء . ثانيا – إن التجسس على الحياة الخاصة للمواطنين و تسجيلها و تصويرها هو أصلا و أيضا جريمة يحظرها الدستور و يعاقب عليها القانون ، ولكن ذلك أصبح الأسلوب الشائع فى مصر فى السنوات الأخيرة ، و الجديد فيه هو السفور و الفجور ، فهم لايتكتمون ولايخفون تجسسهم ، بل ينشرون و يذيعون و يعرضون . وجريمة التجسس على المواطنين و عمل تسجيلات لهم جريمة مرتبطة بانحراف أجهزة السلطة و الدولة ، وقد عرفناها قديما فى الستينات فيما عرف بانحراف المخابرات العامة ، وهى القضية التى حوكم فيها وقتها صلاح نصر مدير المخابرات وحكم عليه فيها بالسجن بعد نكسة عام 1967 . ورغم ذلك استمرت تلك الممارسات ، واتذكر أن الرئيس أنور السادات بعد 15 مايو 1971 ، قام فى مشهد علنى شهير بحرق الشرائط والتسجيلات على الهواء ، وكان لنا أن نتصور أن تلك الصفحة قد طويت ، ولكنها لم تطو للأسف ، بل إن الضابط المسؤول عن تلك الصور و التسجيلات تمت ترقيته إلى أعلى المناصب فى الدولة أيام حكم حسنى مبارك . وربما اعتقدنا بعد ثورة يناير أن تلك الممارسات قد انتهت ، ولكن هيهات .ثالثا – إذا كانت التسجيلات موجودة ، ولكنها مخفية ومصانة مادام الولاء موجودا ، وهى تظهر وتذاع إذا تجرأ الشخص على الخروج عن الطاعة ، وعموما فإذا كانت السياسة المتبعة هى أن يكون لكب شخص كتابان ، كتاب أبيض مفتوح عند الرضا عنه ، وكتاب أسود يتم عرضه عند الغضب عليه ، فهل أتخيل بذلك أن من شروط الإختيار للإنضمام لفردوسهم ألا يكون سجل الشخص ناصع البياض يشكل مطلق ، بل ان يكون به جانب أسود مظلم حتى يكون من السهل ضبطه و إخضاعه ؟
الرذيلة تتخفى فى ثوب الفضيلة ، ونشاهد ممارسات ممجوجة و مرفوضة فى العمل السياسى الديموقراطى العلنى الشفاف ، ومجرمة ومدانة فى عرف الدستور و القانون .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.