زرت البادية ووجدت الحمار في مزاج سيّء. بالرغم من الصحّة التي يتمتع بها إلا أني لمست فيه شيئا لا يبعث على الاطمئنان. ظل طوال وقوفي إلى جانبه مطأطئ الرأس. وجهه ذابل وأذناه إلى الأرض، قدّمت له الأكل فأزاحه برجله ولم يلتفت إلي أبدا. إنه ذاو لا يلوي على شيء حتى نهيقه نشاز وأخن. هل هو مصاب بالأنفلونزا؟ أبدا. الراعي أكد لي أنه حقنه حقنة عسكرية تكسبه مناعة لعشر سنوات قادمة. ثم إنه يفطر بعصير البرتقال ولا يأخذ حماما حتى يحتاط جيّدا. بينما أنا في حيرة من أمره، انتفض الحمار من مكانه وسكنت أذناه السماء مثل الأنتيل الذي كنا نلتقط به البث قديما ونهق نهيقا شديد الحماسة، لم أفهم في البداية سر نشاطه المفاجئ، ولكن حين ألقيت بنظري في الجهة التي يستقبلها لمحت من بعيد أحدهم من فوق حماره قاصدا نحونا، لكن الراعي أكدّ لي مرة أخرى أنها حمارة جاء صاحبها ليرد الماء.