مرَّ كثيرون ولم يبقَ سواكِ!!
وحنينكِ فى القلبِ ؛
يرتقُ أنَّاتِ غيابى
والشمسُ هنالك لا تعقرُ إرثًا بالبابِ
نُقْرئُكِ الآن سلام بنيكِ
وأما عَرَقُ الفلاحين فلم يبرحْ غيطانَ الأسلافْ
مرَّ كثيرون ولم يبقَ سواكِ
لن يرتحل التاريخُ؛
لأن الطيرَ يعشش فى كفَّيكِ الحانيتين،
وعينكِ ترجع شاخصةً
ما عادت لتخافْ
والغسقُ الحبشىّ سيمزج طمى العتق
بقوسى القزحىّ المُبْعد فوق ضفاف النيل
مرَّ كثيرون ولم يبقَ سواكِ
وخليج القلزم ينعس فوق تخومك،
يترك فى الخلفِ..
سفائنَ غربتنا قرب المرفأ
تتهجَّى غضبَ الموج الغدارْ
والبحرُ المتوسط عاش يرتل أوجاعكِ؛
لو جاء الغرباءُ إليكِ
والرملُ النائم بالواحة ضم ضفيرتكِ الملفوفة
يسترسل حتى القدمين المتخضبتين
بحنَّاءِ بداوته
مرَّ كثرون ولم يبق سواكِ
الليلة يشدو الصيادون ويرمون شبككِ فى البحر
وأنتِ تشدِّين حبالاً للصبر،
وللطلِّ،
وللأذكارْ
نتسامر حول نزال الفتيةِ فى غميضتهمْ
وأغاريد صبايا الحىّ،
نُحوِّط سردَ الراوى
لو قصَّ بطولات فتوَّاتِ الحارةِ ،
والأحرارْ
يحرقنا قيظُ الحلم
وأنتِ تُغنِّين على عودى المكسور
وتشتاقين إلى الأوتارْ
كل غزاة الأرض يخافون الجغرافيا الممزوجة فى شريان دمائك
لم تُرفع رايةُ إذعانٍ لاستسلامكِ يا حبَّةَ عينى
تتدلَّى من شفتيكِ عناقيدُ الأسحار
فعلى عينىي مُرُّ فِرَاقِكِ
ظلِّى المُنْسابُ على أعتابكِ..
لم يبرحْ حِضْنَ الدارْ
لو حط صهيلٌ عربىٌّ
فوق الأطلالْ
مَنْ ولاَّكِ أمْرَ شغافى،
من ولاَّكِ ؟
مرَّ كثيرون ولم يبقَ سواكِ
مرَّ كثيرونْ
الإسكندرُ
كليوباترا
ابن العاص
صلاح الدين الأيوبىّْ
قطزٌ
بيبرسٌ
أقطاىُ
وأيبكُ
نابليونْ
ضلَّ الخراصونْ
مرَّ كثيرون ولم يبقَ سواكِ
وخيامُ القحطانيون العُرْب الأقْحاح إذا قُصفتْ من نيران صديقٍ ؛
لم تدخلْ حلف فضولى
والموءودةُ لو سُئلتْ ؛
لا تبعدُ عنَّا الفسفورَ الأبيض خلف الأسلاكِ
فلماذا الآن نُحاصر من أجلكِ
إمَّا فى قافلة السبى،
وإمَّا فى شِعْبِ المُغْتربين
ولا ننساكِ؟