حمدي عبد العزيز يكتب ….كان له ما له وعليه ماعليه

فإذا كان كصحفي قد وصل في درجات الإتقان المهني إلى مستوى أسطورة الصحافة والإعلام العربي
وككاتب سياسي وصل إلى مستوى من الأسلوبية الإبداعية غير مسبوق في تاريخ الكتابة والتحليل السياسي وأسس مدرسة لها تلاميذها ومريديها المنتشرين في مصر والعالم العربي
وترتب على ذلك تألق هيكل المفكر

لكننا لانغفل عند متابعة مسيرة هيكل الثعلب السياسي العجوز أن هناك مناطق في تلك المسيرة قد أثارت النقاش وبعض الإتفاق وكثيراً من الخلاف

هيكل الثعلب السياسي كان أول من يسبق في الإمساك بمقبضي ظهر كرسي الرئاسة للرئيس الجديد
ولكنه في مبتدي بزوغ لحظة وجود المؤشرات الدالة على قرب اهتزاز أرجل هذا الكرسي كان يشيح بوجهه عن هذا الرئيس ويتركه لمصيره المحتوم
كلنا يعرف دوره في تنصيب السادات ودعمه في أول حكمه وكلنا يعرف قصة خلافه معه

لكن ماذا فعل ذلك الثعلب السياسي مع مبارك؟
للإجابة على هذا السؤال دعونا نقرأ من نص حوار مجلة المصور في عام 1981 والذي أجرى معه في أعقاب إخراج مبارك له ولرموز معارضة السادات من السجن بعد مقتل السادات

( المصور : ماهي حقيقة خلافك مع حزب التجمع داخل السجن؟

هيكل : لقد ناقشت بعض إخواننا في حزب التجمع والواقع انه كان حواراً أكثر منه شئ آخر ، وأنا باحترم كثيرين منهم ، وأنا كان رأيي أن التجمع أخذ موقفاً أختلف معه بإعلانه عدم تأييده للرئيس مبارك

ومهما كانت تحفظاتهم ، ومهما كانت تحفظات غيرهم لم يكن أمام مصر خيار غير أن تقول نعم لحسني مبارك وكان ينبغي أن نقول له نعم

كان في وسعهم أن يقولوا بعض التحفظات، ولكن أي خيار آخر لمصر إذا لم تكن قد أجمعت على حسني مبارك

أنا باعتقد أن التجمع ربما قد يكون أخطأ في هذا ، أو على الأقل من وجهة نظري وكان لابد أن يقول نعم وأن تكون نعم مشروطة إن أراد ))

هكذا كان الثعلب يجمع ( البيعة) للرئيس الجديد وهو في السجن

هذا بالإضافة إلي ثلاث مقالات كان قد كتبها ونشرتها جريدة أخبار اليوم بالتتالي في صدر الصفحة الأولى أسبوعياً لدعم الرئيس الجديد

والنهاية معروفة للجميع
ابتعاد شبه تام عن مبارك عقب حرب الخليج الثانية
ثم انتقاد مبارك وكشف مخطط التوريث في بدايات العقد الأول من القرن الحالي

ثم لقاءاته المصور مع الرئيس المخلوع مرسى في القصر الجمهوري ونصائحه المشفوعة بتمنى النجاح لحكم الإخوان المسلمين ( خصومه التاريخيين) وحديثه عند بدايات الغضب على الرئيس مرسى عن شرعية الصندوق وكلامه في برنامج مصر إلى أين فيما قبل الاستفتاء على دستور 2013 عن أن شرعية الرئيس مرسى لم تنفذ بعد ( وهو كلام ردده حمدين صباحى وقتها أيضاً كصدي صوت لاستاذه عندما قال .. نحن لانريد إسقاط الرئيس…)
وكان هيكل هو الذي نصح جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الاستفتاء كما سبق أن ذكرت من قبل

وتغير الوضع كثيراً فأصبح هيكل هو الناصح بضرورة التغيير
وتعددت لقاءاته بقيادات الجيش وقيادات جبهة الإنقاذ
وأصبحت كلماته مع لميس الحديدى فى (مصر إلى أين) مانفستو سياسي دال على انسداد كافة الطرق نحو إستمرار مصر الدولة في ظل حكم الإخوان

وكانت كلمته ( مرشح الضرورة) هي تكثيف ذكي للحالة التي كانت عليها مصر والضرورات التي كانت تقتضيها لحظة الاستحقاق الرئاسي الذي أرتقي عبره الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم وهي لحظة كانت شديدة التعقيد تواجه فيها الدولة المصرية لأول مرة عبر تاريخها خطر الزوال

كان الأستاذ في هذه اللحظة يمسك بعين الصواب لكنه ظل كثعلب سياسي حنكته التجارب محافظاً على مسافة ما خارج المشهد السياسي ومسافة ما تطل عليه كما لو كان في معية شاعر العربية الأول عبر تاريخها الحديث محمود درويش في تحفته الشعرية ( لماذا تركت الحصان وحيداً )
عندما قال :

(.. أطل كشرفة بيت
على ماأريد …)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.