خمسة أعوام مضت علي إنهيار دولة ( الجماهيرية ) ورحيل قادتها عن قيد الحياة ، وتغيب من ظل منهم عن المشهد الضبابي الذي تعيشه البلاد ، إما بسجنهم بعضاً من الرموز السابقين ، أو مطاردتهم لمن فرّ من ويلات الجحيم .
بين الهزيمة والإنتصار تاريخٌ يُكتب ، ودفاتر تُدون مآلات الأمور وتطورتها .!!!
ظن الجميع في بادئ الأمر أن ما تحقق من سيطرة الفبرايريين عن المشهد وإزاحتهم للسبتمبريين أنه الإنتصار بعينه ، وأن باحةً من الحرية والديمقراطية والتعددية الحزبية والشفافية في كل شئ قد تحققت ، وأن رغداً من العيش والحياة الكريمة قاب قوسين أو أدني من الليبيين علي حدٍ سواء .
إعتقد لوهلةٍ أنصار القذافي ومناصروه أنهم قد خسروا حرباً وقيماً وممتلكات كانت في حوزتهم ، وأنهم قد راهنوا علي سرابٍ ، وهو ما يُفسر ضمنياً بالهزيمة .
في ذات الوقت توقع أنصار فبراير أنهم حققوا إنتصاراً تاريخياً ولو كان ذلك بنصرةٍ من الغرب ، وأنهم قد نالو ما كانت تصبوا إليه عقولهم وقلوبهم ، وهو ما يترجم ظاهراً بالإنتصار .
مضت الأيام وتعمقت فبراير في سدة حكمها ، بذات القدر التي تعمق فيه السبتمبريون في التوغل بالشتات ، ومحاولة إنغماس كل فرد فيهم في رحلة البحث عن قوت يومه ، والتأقلم مع الواقع الذي فرضته أتون الحرب ومجرياتها .
إلأ أنه وبعد هذا الزمن من حلول ( الإنتصار والهزيمة ) إنعكس الحال تماماً .
فبات منتصروا الأمس ( فاشلون منهزمون بإمتياز ) والدلائل علي ذلك كثر ، تقف في مقدمتها ( غياب مفهوم الدولة ) البسيط ، ضف علي ذلك كل ما تشهده ليبيا اليوم من صدامات وصراعات دامية .!!
وأضحي منهزموا الأمس ( متوجون بنصر مؤزر ) منبعه صدق تكهناتهم ، وكيف كان الحال عليه قبل ( نصر فبراير وبعده ) ، وهو ما يؤكد أحقيتهم بقيادة البلاد عن جدارة ( كل ذلك تخبرنا به الأيام العصيبة التي تعيشها ليبيا اليوم ) لا هم من يخبرنا بذلك .
قياساً بما سبق ، ووفقاً لما أمتلكه من زاوية رؤية قد تكون ضيقة ومحدودة ، فأني أملك من الدلائل الكثير ، لأقول أن إستمرار عبث فبراير بمقاليد أمور البلاد قد قارب علي الزوال .
فقد تبين أن الإنتصار هزيمة ، والهزيمة إنتصاراً في واقع الأمر .