الغَالِيَة….قصيده للشاعر محمد حداد

الغَالِيَة..!!


غَيرَ مَرَّةٍ مُنِعْتُ عَنكِ،
يَا بَعِيدَةً، وَفِي القَلبِ وَفِي العَقلِ سَكَنتِ.
أذكُرُ عِندَمَا كُنتُ طِفلاً
مَنَعَتنِي أُمِّي، وَكَذَلِكَ أبِيْ.
فَأصْبَحتِ مِنْ يَومِهَا
أُغنِيَتِي الوَحِيدَةْ..!؟

فِي المَدرَسَةِ أنَّبَنِي المُعَلِّمُ
وَرَفَعَ سَبَّابَتَهُ فِي وَجهِيْ؛
عِندَمَا حَاوَلتُ أنْ أتَحَرَّشَ بِكِ
وَأبكِي عَلَى صَدرِكِ
مِثلَ طِفلٍ أخَذُوا مِنهُ
لُعبَتَهُ الأخِيرَةْ.

حَاوَلتُ مُجَدَّدَاً، فِي سِنِّ المُرَاهَقَةِ
لكِنِّني لم أكُنْ بِمُستَوَى الطُّمُوحْ.
فَأحلامِيَ الرُّومَانسِيَّةُ بِلِقَاءِ الحَبِيبْ،
وَالعَصَبِيَّةُ الزَّائِدَةُ,
وَتَركِيبِي الفِيزيُولُوجِي الجَدِيدْ؛
حَالَت بَينِي وَبَينَكِ
رُغمَ مُحَاوَلاتِي الكَثِيرَةِ
فِي التَّقَرُّبِ إِليكِ,
وَالرُّكُوبِ فِي قِطَارِكِ العَابِرِ لِلسِّكَكِ وَالقُيُودْ..!

كَبِرتِ مَعِيْ، دَخَلتِ الجَامِعَةَ مَعِيْ،
لكِنَّكِ بَقِيتِ بَعِيدَةً
عِندَمَا مَنَعَتنِي زَمِيلَةٌ جَمِيلَةٌ،
وَأُستَاذُ المَادَّةِ الأنِيقْ
مِنَ الاقتِرَابِ مِنكِ..!
فَأصْدَرتُ حُكمِي مُجَدَّدَاً..
وَأبقَيتُكِ حَبِيسَةَ الفُؤَادْ..!؟

حَاوَلتُ مَرَّة أنْ آتِيكِ،
لكِنَّ شُرطِيَّاً بِبُندُقِيَّتِهِ أوقَفَنِيْ..!
هَدَّدَ: بِتَفجِيرِ رَأسِيَ الصَّغِيرْ.
تَرَاجَعتُ..
فَرَأسِيَ مُلكِيَ الوَحِيدُ، وَرَأسُمَالِي الأخِيرُ
وَأنَا بِحَاجَةٍ إِلَيهْ.

حَاوَلتُ مَرَّةً جَدِيدَةً,
غَيرَ أنَّ رَغِيفَ الخُبزِ وَقَفَ فِي وَجهِيَ غَاضِبَاً,
فَفَهِمتُ..
أنَا بِحَاجَةٍ إِلَيهْ.

الأصدِقَاءُ وَالحَبِيبَةُ,
حِينَمَا قَدَّمتُ إِليكِ وَلائِيْ
وَقَفُوا ضِدِّي، وَزَوَّرُوا رَسَائِلِيْ
فِي صُندُوقِ بَرِيدِيْ..!
فَانكَفَأتُ حَزِينَاً.
حَاوَلتُ البُكَاءَ قَلِيلاً
لكِنَّ دَمْعِيَ هُوَ الآخَرُ
خَذَلَنِيْ،
تَحَجَّرَ فِيْ مُقلَتِيَّ..!!
حَاوَلتُ التَّقَدُّمَ نَحوَكِ خُطوَةً
فَتَسَمَّرَت قَدَمَايْ..!؟
ضَاقَ المَكَانُ مِن حَولِي,
حَاصَرَنِيْ..
حَتَّى الهَوَاءُ حَاوَلَ خَنقِيْ..!
رَفَعتُ يَدِي لأدعُوَ الإلِهَ وَالأصدِقَاءْ
فَشُلَّت يَدَايْ..!؟
(……..)
وَهَرَبَ الأصدِقَاءْ..؟!
حَاوَلتُ أنْ أصرَخَ فِيهِمْ
فَأحْسَسْتُ بِشَعْرٍ كَثِيفٍ
قَدْ نَمَا عَلَى لِسَانِي وَقَيَّدَهُ كَالأسِيرْ..!
صُعِقتُ مِمَّا أنَا فِيهِ
حِينَ فَتَحتِ ذِرَاعَيكِ
لأوَّلَ مَرَّةٍ
فَدَعَوتِنِي..
وَلمْ أسْتَطِعِ التَّقَدَّمَ نَحوَكِ قَيدَ أُنمُلةْ..!
فَانْفَجَرتُ بِصَمتٍ رَهِيبْ،
وَسَالَ دَمِيْ..
لكِنَّنِي ابتَسَمتُ بِسُخْرِيَةْ,
حِينَ لَمَحْتُ دَمِيْ
يَكتُبُ اسْمَكِ:
أيَّتُهَا الغَالِيَـــةْ..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.