تتبدل الوزارة في مصر ونستبشر خيرا بتعيين وزير للثقافة يقيل الثقافة المصرية من عثراتها ويعيدها إلى مكانتها من الريادة والتفوق ولكن كل وزير يتقلد منصب الوزارة يأتي بجنوده ورجاله ويقضي سنوات وزارته في معارك طاحنة تارة مع كبار الموظفين وتارة أخرى مع المثقفين والصحفيين ومعركة أخرى مع السبكي وأحد أفلامه المعتادة ومعركة الجنة والنار مع أحد المشايخ وهكذا يظل وزير الثقافة في معارك كر وفر مع تيارات المجتمع المختلفة وكأن هناك تعمد لاستنزاف طاقات وجهود وزير الثقافة والملفت للنظر أيضا خلال السنوات القليلة الماضية أن من وقع عليهم الاختيار لتولي وزارة الثقافة كانوا قبل تولي الوزارة لهم أنشطة وإسهامات فكرية وثقافية مضيئة ومتميزة ولكنهم حينما تولوا مسؤولية وزارة الثقافة يخفت نشاطهم ويقل إسهامهم الثقافي والمعرفي وكأن كرسي الوزارة عليه غبار يصيب صاحبه ومن يجلس عليه بصدأ الفكر ويعطل مواطن الإبداع والتفوق عنده وبالتالي تنعكس هذه الحالة على كل فروع وزارة الثقافة وروافدها فتنتقل الثقافة المصرية من كساد وفقر إلى كساد وفقر أكبر وأعم وأشمل وهكذا تمضي أهم وأول وزارة في مصر والمسؤولة عن التنوير والمعرفة والثقافة والفكر ومقاومة الارهاب والجهل والتطرف والتشدد هكذا يصبح حالها وزارة باهتة خافتة منزوية على نفسها مكتفية بمعاركها الداخلية بين رجالها حول المؤتمرات والسفريات والمعارض وبدلات السفر والفنادق الفاخرة وأحوال المثقفين في مصر تجلب الحزن والألم فكم من شاعر وأديب يحتاج إلى من ياخذ بيده ويتبنى موهبته ويضعه على الطريق الصحيح وكم من شاعر وأديب وقاص يقضي يومه في عمل شاق يستهلك طاقته وموهبته في البحث عن لقمة والعيش وتأمين مورد رزق لأسرته وعائلته وكم من المواهب الفذة في شتى فنون الثقافة والمعرفة والفن لم يسمع بها أحد ولم يفكر أحد كبار الموظفين في وزارة الثقافة أن يخرج من مكتبة ويركب قطار الصعيد أو الأقاليم المختلفة ويفتش في تراب مصر عن الموهوبين في كل مجالات الثقافة والفن والفكر بدلا من الجلوس تحت أجهزة التكييف وركوب الطائرات في الدرجات الفاخرة الثقافة المصرية تحتاج مشروعا قوميا رئاسيا بحجم وامكانيات قناة السويس بكل ميزانياتها المالية الضخمة وبكل الاهتمام الشعبي والإعلامي إنجاز مشروع الثقافة المصرية تزيد عوائده الثقافة والمعرفية والحضارية عن مشروع قناة السويس ولكن لاندري السبب الحقيقي في تهميش الاهتمام بالثقافة في مصر وعدم وضعها على أولوية اهتمام مؤسسة الرئاسة والحكم وهل بعد كل هؤلاء الوزارء الذي قضوا سنين وزارتهم ولم يقدموا شيئا للثقافة نحتاج إلى اللواء كامل الوزير لتولي منصب كل الوزارت المعطلة في مصر ومنها وزارة الثقافة حتى نرى الوزارة قد عادت إلى ممارسة دورها في التنوير والثقافة والمعرفة .
محمد محمود عيسى