أخبار الاقتصاد

المصرف المركزي: الظروف السياسية المتقلبة والتوتر الإقليمي أضعف الاقتصاد اللبناني

أعلن مصرف لبنان المركزي أن الظروف السياسية المتقلبة المصحوبة بتوتر إقليمي وبأعباء الأزمة السورية، أدت إلى إضعاف وإنهاك الاقتصاد اللبناني لسنواتٍ عديدة، غير أن لبنان لا يزال يتميز بقدرته الفريدة على الصمود والاستمرار في ظلّ ضغوطات اجتماعية وسياسية واقتصادية تتّسم بصعوبة استثنائية.

وأكد المصرف في بيان، اليوم الثلاثاء، أنه طوال السنة، يتم تدوير كلفة ​الفائدة​ على الأدوات المالية وتسجيلها كأصول في حسابات مؤقتة، على أن تتم معاوضة جزء منها في نهاية السنة وإطفاء ما تبقى بأرباح مستقبلية متأتية من عدة مصادر دخل يعترف بها مصرف لبنان كالقيمة الإجرائية لسك وطباعة العملة وعمليات السوق المفتوحة والأصول غير المادية.

ولفت البيان إلى أن “الخسائر قد تستمر لعدة سنوات، ومن السبل المتاحة لتغطيتها استخدام الاحتياطيات المتراكمة، وفي حال استنفاد تلك الاحتياطيات، معاوضة (offset) الخسائر المدورة بالأرباح المستقبلية، وذلك إلى حين تصفية تلك الخسائر، مشددا على ان “مصرف لبنان مؤتمن على الحفاظ على العملة الوطنية بهدف تأمين أساس نمو اجتماعي واقتصادي دائم (المادة 70 من قانون النقد والتسليف)”.

وأضاف: “من الأمثلة على الحالات التي تم فيها تسجيل الخسائر كأصول أو مطلوبات سلبية وليس كتخفيضات في الأموال الخاصة، نذكر دولة كوستاريكا في مستهل ثمانينيات القرن الماضي، و​البيرو​ في الثمانينيات أيضا، و​تايلاند​ إثر أزمة 1997، و​المجر​ في التسعينيات، في كلّ من هذه الحالات، لم يكن الدخل المستقبلي مؤمنا. وغالبا ما تحوّلت هذه الأصول الخاصة إلى مكوّنات أساسية في الميزانية (أكثر من 50% في كوستا ريكا و25% في البيرو، أما في المجر، فالمطلوبات الإسمية على الدولة تجاوزت رأس المال بـ 20 ضعفا). وقد أثّرت هذه المعالجات على مسار تحليل الأوضاع الاقتصادية وأسهمت مباشرة في تأزّم مالية المصارف المركزية، إذ أنها سمحت باستمرار التوزيعات للدولة بالرغم من ضعف مالي كبير متفاقم”.

وأشار البيان إلى أن مصرف ​لبنان ​المركزي يعتمد على غرار ​البنك المركزي​ الأوروبي والعديد من ​المصارف ​المركزية الأخرى، معايير محاسبية جديدة منذ سنة 2007، مؤكدا أن “المعايير الدولية للتقارير ​المالية IFRS قد أعدت أصلا من أجل الكيانات التجارية، لذا لا يمكن تطبيقها مباشرة على المصارف المركزية (سرمون، 2005). وهذا كان السبب الرئيسي وراء إنشاء معايير محاسبية منفصلة محددة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي حول الإطار القانوني للمحاسبة والتقارير المالية ضمن الجهاز الأوروبي للبنوك المركزية”.

وأكد ​ أنه “مثل العديد من المصارف المركزية، اعتمد بشكل جزئي المعايير المتعلقة بعرض التقارير والإفصاح عنها، إذ إن تطبيقها الكامل يتعارض مع الإفصاح عن الأنشطة المؤثرة في السوق. من هنا، اختار مصرف لبنان، كما العديد من المصارف المركزية الأخرى، استبعاد بعض المعايير والمعالجات المحاسبية في سياق تطبيقه الجزئي لمعايير الـ IFRS. وليس مصرف لبنان ملزما بتطبيق المعايير المحاسبية الدولية تحديدا، فهو معترف به قانونا وبموجب القرار رقم 9172 تاريخ 24 تشرين الأول 2005 كـ”شخص معنوي من ​القطاع العام​ يتمتع بالاستقلالية”، تقضي مهمته بالمحافظة على سلامة النقد ويقوم بدور المقرض الأخير”.

ولفت الى أن “البنك الفدرالي الأميركي والبنك المركزي البريطاني والبنك المركزي الأوروبي والمصارف المركزية الوطنية في ​أوروبا​، واجهت جميعها سلسلةً من الأزمات المالية، ولو كانت مختلفة المنشأ. وقد لجأت هذه المصارف المركزية أيضا إلى تدابير غير تقليدية هي أوسع وأخطر ماليا من أي تدابير اتخذتها سابقا”.

وأكد مصرف لبنان أنه “إبان الأزمة المالية، قام معظم المصارف المركزية في كافة أنحاء ​العالم​ بعمليات غير معيارية وبحجم غير مسبوق. نتيجة لذلك، توسعت ميزانية العديد من المصارف المركزية بشكل ملحوظ، فتغيرت سمات وخصائص مخاطرها للغاية. كما أدّت هذه الأحداث إلى وضع المعلومات المالية التي تنشرها المصارف المركزية في متناول الجمهور وإثارة التساؤلات حول سلامتها المالية”.

أضاف: “أوضح البنك الفدرالي الأميركي مؤخرا بأن الخسائر التي تؤدي إلى نقص في الاحتياطيات (الفائض) نسبة إلى مستواها المطلوب، ستسجَّل كأصول تمثل قيمة تدني التحاويل المستقبلية إلى الخزينة واللازمة لإعادة تكوين الاحتياطات. وبفضل هذه الممارسة التي تجيزها المبادئ المحاسبية المتعارف عليها عموما GAAP (افتراضا أن الأرباح المستقبلية تكفي بشكل لتحقيق​ القيمة المطلوبة لهذه الأصول)، فإن الأموال الخاصة لن تتراجع في وجه أي صدمة سلبية مؤقتة في الأرباح، لقد سبق لمصارف مركزية أخرى أن استخدمت هذه المعالجة، كالبنك المركزي الألماني في سبعينيات القرن الماضي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى