كلما انحني لالتقاط حبات الملح من فوق اليابسة و أشياء اخرى ، تخرج طيور ربيتها تحت الرموش لتبلل تشقق الارض …و لتمنحني ايضا انحناءة جندي امام حزمة ورد تعلو قبر شهيد لم يوصل رسالته التي كتبها بخط الموت على منديل مطرز لشرفة سقطت من طابق الحضور…
اليم الذي غطى حفر الطيور غمر اليابسة ايضا و لم يقلص من المسافات شيئا…
يكره الشعر غرورنا الصاخب و يقول اننا نسرف في القتل كلما البسنا البوح ما لا يليق بالموت … لابد من موت غير مستعجل كان نعلق القصيدة على الباب اليتيم بالمحطة الوحيدة و ان ننتظر انتباه حارسها الذي لا ينام…
و لان الليل لا يوزع بالتساوي عبر ثقوب الانتظار ، و لان الحراس سقطوا بغير شهوة من لائحة الركاب فانهم داخل زنازينهم الفائضة لا يصلهم من الليل شيئا …
فكان لابد ان ننتظره خارج الوقت و نحن نعدم صفير الآتي الملفوف بدخان الفحم ليستيقظ بأمان … لا لان نهديه لقمة بريئة من رغيف الليل و لكن فقط ليفتح لنا الباب لنرى ملامحنا كيف تنتهي تحت قطار لا يقف لتذكرة سقط منها رقم “راكب ” و لنرى كيف تتطاير اشلاء القصيدة مع غبار سرعة المرور على سكة الفولاذ ( المعدن الذي يقتات الوقت ) و لنرى معا تقاسيم الليل بالضفة المقابلة حيث لا موت يزعج الانفاس النائمة هناك … هكذا نتوج بوحنا بما يليق بالموت و نرسمه في كل قصيدة كسلحفاة مقلوبة على ظهرها تواجه عقوبة الزحف على بطن فارغ من الاحلام ، لان الحلم جريمة يعاقب عليها من لا مساحة له من الليل …
ثم انحني مرة اخرى و تزداد الطيور رعشة بين الرموش و تزداد الارض تشققا لتضاعف نسبة الملح عليها واشياء اخرى مني لا التقطها و انا استيقم …
التفت للشعر حين يأتي دوري للكلام و اقول له اني لم استعجل موتي كما أردت فارني ايها البطل لمن يكون العزاء حين يكون الواحد منا قاتلا و الاخر مقتولا ؟