أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد أحمد زكى
ashraf gaber
16 نوفمبر، 2022
ثقافة وفنون
28 زيارة
هو ‘‘ فَتى الشَّاشَةُ الأَسْمَر ‘‘ و ‘‘ اُسْتاذُ فَنّ التّقّمُص ‘‘ و ‘‘ حبيبُ البُسطاء ‘‘ و ” الزعيمُ الحقيقى ‘‘ و ‘‘ النِمرُ الْأَسْوَد ‘‘ و ” الإمبراطور ” الفَنَّان العِملاق ( أَحْمَد زَكَّى متولى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بدوى ) الشَّهِير بِأحْمَد زَكى ذلِكَ المُمثل الرائِع صاحِب المُشوار الفنى الَّذِى تَجاوَز الثلاثِة عُقودٍ مِن العَطاءِ المُتواصِل و الذى نَجَحَ من تّدوينِ اسمِه فى سِجلِ عُظماءِ السينِما المِصرية و الْعَرَبِيَّة بَعْدَما اسْتَطاعَ أنْ يُغّيِرَ مِن مَفهوم و نَظَرِه السينِما المِصرية للنَجم و البَطل بَعْدَما كانَتْ الوّسامة للرِجال قَبْل مَجيئه مُرتبِطةٌ بالوجهِ الحَسن أَو بالمَظهرِ الأوربى و لَكِنَّ أَحْمَدَ زَكَّى غَيْرِ هَذَا كُله بَعْدَهَا و حّوَلَ المِعيار لِشِدَّة إتْقَان الدَّوْر و تّقّمُصِه حَتَّى يتّوهم المُشاهِد بِأَن الشّخصية الحَقيقية هِى مَن تَقوم بِالدَّوْر لا هوَ ! و الْحَقِيقَةِ أَنَّ زَكَّى فنانّاً تَحْتَاج أدواره إلَى كُتبٍ كَثيرة مِن أجلِ التّعرُف عَلَى مفاتيحِ تَقْدِيمُه لَهَا عَلاؤُه أَن حَياتِه العاطفية لَم تَقِلَ دِراما عَمَّا قدّمهُ مِن أعمالِِ فارتبطَ فِى حياتِه بِشائعاتٍ كَثِيرَةٌ و ألغازٍ حيّرت الْجَمِيع كمَن أَكَّدُوا ارْتِباطِه بتِلك الفنانة أَوْ غَيْرِهَا دونَ حَقِيقَةِ مؤَكَّدَةٌ سِوَى زَواجِهِ الرسمى بِواحِدَة فَقَط آلَمَهُ رَحِيلُها عَنْ الْحَياةِ أَشَدّ الْأُمّ رَغِم انْفِصالِهُ عَنْها ! و الحقُ يُقال أَنَّ أَحْمَدَ زَكَّى كان مَوْهِبَة مّمزوجة بالصِدق و أُسْطورَة مِن العِيار الثَقيل فى عالمِ السينِما و صَديقِ البُسطاء و كان سِلاحَنا للهُروب مِن التَعاسة إلَى البّهجة و حَبِيب الملايين الَّذِى عَبَرَتْ سِيرَتِه الطَّيِّبَة خارِج حُدودِ الوَطَن و سَكَنَتْ العالِم أَجْمَع و نجمٌ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْرِقَ قُلوب مُحبيه و عُقولهم بعُيونه و ابتسامَته الشَّهِيرَة الَّتِى عَشِقها الجُمهور و مِئاتٍ مِن الحِكايات عَن كرمِه و حنيته فَلَم يكُن مَطلوبّاً مِنَّا أَنْ تَجْمَعُنا بِه صِلَة قَرابَةٍ أَوْ صَداقَةٍ كَى نَقِعَ فِى عِشقه ليتّحول الفَنَّان الْكَبِيرِ إلَى أُسْطورَة خالِدَة فِى ذاكِرَة كُلّ مَن شَاهِدَةً عَلَى الشّاشَة طِوَال 30 عامّاً أبهَرَ فِيهَا الجَماهِير و هو يبحثُ عَنْ الْكَمالِ بأدوارِه الرومانسية و المأساوية و الهّزلية و عَلَى المَسرح و السِّينِما و التليفزيون حَتَّى و أَن غَيْبَة المَوت فَفِى كُلّ يومٍ يمُر يُصبِح فِيه حاضرّاً فى ذاكراتنا فَأَحْمَد زَكَّى لَا يَموتُ طالَما بَقيّت أَعْمالِهِ الفَنِّيَّةِ العَظيمة عَبْرَ مُشوارٍ طويلٍ مِن الكّدِ و طريقٍ صعبٍ مليئ بالإحباطات و النَجاحات حَتَّى يَصِلَ إلَى ما وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ شُهرة و احترامٍ جماهيرى و هو الزعيمُ الحقيقى مِن وجهة نَظَرِ كاتِب هَذه السُطور لا الوهمى الذى امتلأت أفلامه بالأحضّان و القُبلات اكثر بمراحِل مِن امتلأئها بالتّمثيل و الإجادة ! .. ولِدَ أَحْمَد زَكَّى فى 18 / 11 / 1949م فى مَدِينَة الزقازيق بمُحافظة الشَّرْقِيَّة و يُذكر أن كانَ الِابْنُ الْوَحِيد لِأَبِيه الَّذِى تُوُفِّىَ عَقِبَ وِلَادَتِه ثُمّ تزّوجت اُمِّه بشخصٍ فظ القلب ليتولى جده عنايته و تربيته حَتَّى حُصوله عَلَى الشَّهادَةِ الإعدادية ليدخُل المّدرسة الصِناعية بالزقازيق بعدما شجّعه ناظرُ المّدرسة عَلَى التَّمْثِيلِ لَمَّا وَجَدَ فِيهِ مِنْ مَوْهِبَة فِطرية فى تَقْلِيد الفَنَّانِين إلى أن جاء حَفْل المّدرسة السنوى ليتم دَعْوَة مّجموعة مِن الفَنَّانِين مِنْ الْقاهِرَةِ فيُقَابلوه و ينَصَحوه بالالتِحاق بمّعهد الفُنون المّسرحية و كانَت مُفاجأة زَكَّى السَّيِّئَة حِين رَفْضِه الفَنَّان ” عَبْدِ الرَّحِيمِ الزرقانى ” بَعْدَ أَنْ أَدَّى إمتحانِ القُبول فى المعّهد و لم يكتف برفضه فحسب بل نَصَحَه بِأَنْ يَبْحَثَ عَنْ وَظِيفَةِ أُخْرَى لِأَنَّهُ لايمتلكُ مَوْهِبَة التَّمْثِيلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ !! و ذلك بعدما قَالَ لَهُ بِالْحَرْف الْواحِد ( أَنْت مَيْن إللى ضحِك عَلَيْكَ و قالك إِنَّك تَنْفَع تَمَثَّل أَوْ عِنْدَك مَوْهِبَة فى التَّمْثِيلِ مِنْ أَساسِهِ ؟ ! ,, روْحٌ يابنى شوفلك شُغلانة تَأَنِّيه تستّرزق مِنْهَا وَ سَيَّب التَّمْثِيل لناسُه ) ! و خَرَج زَكَّى حزينّاً مُكتئبّاً لَكِنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ و تَقَدَّم مّرة أُخْرَى للامْتِحان و مِنْ سوءِ حظِة أَن الزرقانى كَانَ مِنْ ضَمِنَ لَجْنَة الِاخْتِبار و رَفْضِه مّرة أُخْرَى بَعْدَ أَنْ نَهْرِه أَشَدّ النّهر ! لَكِنْ مِنْ حُسن حَظّ زَكَّى أَن الفَنَّان ” حمدى غَيْث ” كانَ رَئِيسَ اللَّجْنَة و كان مّبهورّاً جدّاً بِأَدَاء زَكَّى لِدَرَجَة أَنَّه تشاجَر مَع الزرقانى و قالَ لَهُ ” الْوَلَد الأَسْمَر دَه حِكايَة و أَنا مُستعد أَرَاهُنّ أَنَّه حايبقى لَه مُستقبل كَبِيرٌ جدّاً بِس قُولِى يا عَبْدَ الرَّحِيمِ بصراحة أَنْت ماعَجَبّكش تَمْثِيلُه و لَا لَوْنَ بَشَرَتَه الغامقة ؟! عشان أنا عارف كويس إنك مابتحبش السُمر ” ! و صَمَمَ ” غَيْث ” بِأَن يَقبل ” زَكَّى ” طالبّاً فى الْمَعْهَد عَلَى مَسْؤُولِيَّتَه الشَّخْصِيَّة و يُذكر أن أَتَت فُرصة زَكَّى الْأُولَى للعَمَل بَيْنَما كانَ لَا يَزالُ يدرُس فِى مّعهد الفُنون الْمَسْرَحِيَّة و بِالتَّحْدِيد عام 1969م بَعْدَ أَنْ أَدَّى دوراً بسيطّاً كعاملٍ فى خِدْمَة الغُرف ! فى مسرحيةٍ كوميدية بِعِنْوان ” هالو شلبى ” و قَد خَدَمَهُ الْحَظّ لِأَنّ المُمثل الرئيسى لَمْ يَظْهَرْ فى تِلْكَ اللَّيْلَةِ و اسْتَطَاع زَكَّى اسْتِكْمال اللَّيْلَة و تَمَكَّنَ مِنْ تَقْدِيمِ صورٍ هزلية مُثيرةٍ للإعجاب و لَا سيّما انتحالِ شّخصية المُمثل الْقَدِير ‘‘ مَحْمُودٌ المليجى ‘‘ التى كانت خارج النّص ! و استطاع كَسْبَ رِضا الْجَمِيع بموهبته إلَى أَنْ تَخّرَجَ مِنَ الْمَعْهَدِ عام 1973م و كان تَرْتِيبِهِ الأَوَّلِ عَلَى دُفعته و كان ” حمدى غَيْث ” فخورّاً بِهِ لِأَنَّهُ لمْ يَخسّر رِهَانِه عَلَى تِلْكَ الْمَوْهِبَة الفذة لينطلق قِطار زَكَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَ يُشارك فى عِدة أَعْمال ناجِحَة عَلَى خَشَبّة المسّرح لَاقَت نجاحّاً جماهيريّاً غَيْرَ مَسْبُوقٍ مِثْل ” مّدرسة المُشاغبين ” و ” أَوْلَادِنا فى لَنْدَن ” و ” الْعِيال كبرت ” إضافة لِلَمعان اسمِه أيضّاً عَلَى الشَّاشَة الصَغيرة فِى مُسلسل ” الْأَيَّام ” و مُسلسل ” هوَ و هِى ” و ” اللِسان المُر ” و ” الرجُل الَّذِى فَقَد ذَاكَرْته مّرتين ” علاوة عى مُساهماته فى الشَّاشَة الْكَبِيرَة بعِدَّة أَعْمال فى أدوارٍ ثَانِيَة أمَّا أَوَّلُ بُطولة مُطلقة لَهُ فَكَانَتْ فى فِيلْم ” شُفَيْقَة و متولى ” ثُمّ قَدّمَ بَعْدَها العَديدِ مِن الأفلام مِثْل ” إسْكَنْدَرِيَّة لَيَّة ” و ” الْباطِنِيَّة ” و ” طائِرٍ عَلَى الطَّرِيقِ ” و ” العوامة 70 و عُيون لاتنام ” و ” النِمر الْأَسْوَد ” و ” مَوْعِد عَلَى العَشاء ” و ” البريئ ” و ” زَوْجَةِ رَجُل مُهم ” و ” الرَّاقِصَة و الطَّبَّال ” و ” الْبِدايَة ” و ” شادِر السَّمَك ” و ” البيه الْبَوَّاب ” و ” الْبَيْضَة و الْحَجَر ” و ” الحُب فَوْق هَضْبَة الْهَرَم ” و ” مستر كاراتِيه ” و ” سَوّاق الهانم ” و ” ناصِر 56 ” و ” أَيَّام السَّادات ” و العَدِيدِ مِنَ الأفلام الْأُخْرَى الَّتِى حَقَّقْت نجاحات كَبِيرَةٌ عَلَى مُستوى الجَماهِير و اشادات مهولة مِن النُقاد الفنيين أيضّاً لينال زكى جائِزَتِه الْأُولَى عَنْ فِيلْم ” طَائِرٍ عَلَى الطريق” و يظل يتألق فِى شخصياتٍ عَديدة يُقّدم فيها فِى كُلِّ مّرة وّجهاً أَكْثَر صدقّاً للمِصرى الْأَصِيل و ذلك بعد أن جّسَد شَخْصِيَّةٌ الزَّعِيم ” جَمَال عَبْدِ النَّاصِرِ ” فِى فيلم” نَاصِر 56 ” و شَخْصِيَّةٌ ” الرَّئِيس السَّادَات ” فى فِيلْم ” أَيَّام السَّادات ” إضافَة لِشَخْصِيَّة الْعَنْدَلِيب الأَسْمَر فى فِيلْم ‘‘ حَلِيمٌ ‘‘ .. يُذكر أيضّاً أن حصُل زكى عَلَى جَوائِز عَدِيدَة طِيلَة مشواره الفنى كَان أبرزها جائِزَةٌ عَن فِيلْم ” عُيون لَا تَنَامُ ” مِن جّمعية الفِيلْم و جائِزَةٌ عَن فِيلْم ” امرّأة واحِدَةٍ لَا تُكْفَى ” مِن مِهْرَجان الْإِسْكَنْدَرِيَّة عام 1989م و جائِزَةٌ عَن فِيلْم ” كابوريا ” مِن مِهْرَجان الْقَاهِرَة السينمائى عَام 1990م و جديرٌ بِالذِكْر أَن أَثْناء الِاحْتِفال بمئوية السِّينِما العالَمِيَّة عَام 1996م قد اخْتار السينمائيون سِتة أَفْلاَم قَام ببُطولتها أَوْ شارَكَ فِيها أَحْمَد زَكَّى و ذَلِك ضِمن قَائِمَةٌ أَفْضَل مِئَة فِيلْم فى تَارِيخ السِّينِما المِصرية .. يُذكر كذلك أَن عِلاقة أَحْمَد زَكَّى بعادل إمام لم تكُن عَلَى مايُرام بِسَبَب بدايات إمامٍ مَعَهُ فى مّسرحية مَدْرَسَة المُشاغبين حَيْثُ إنَّ دَوْره كانَ مِنْ المُفترض أَنْ يَقُومَ بِهِ الفَنَّان ” صَلَاح السعدنى ” و نظرّاً لانشغال الْأَخِير ما اضطر سُمَيْر خفاجى أن يُرَشِح زَكَّى الَّذِى لَمْ يكُن إمام مُقتنعّاً بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ! و ظِلّ يتهّكم عَلَيْهِ بَيْنَ الْحِين و الْآخَر لَوْلَا تدّخُل الفَنَّان سَعِيد صَالِح و إقْناعِه للمُنتج سمَيْر خفاجى بِعَدَم اسْتِبْدَالِه ! تحقيقّاً لِرَغْبَة عَادِلٌ إمام ! و هوَ ما أسَرهُ زَكَّى فى نَفْسِهِ حَتَّى رَحِيلِه ! و يُذكر أن هَاجِم زَكَّى إمَام ذَات مّرة فى أَحَدٌ حواراته الصحفية لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ بأدوار تُناسب عُمره إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ فِيما بَعْدُ بسببِ رُدود الفِعل العَنيفة ضِدِّه مِن نُقاد محسوبين عَلَى عادِلٌ إمام ما جَعَلَهُ يَتَراجَع بذكاءٍ و يُبرِر ماقاله بِأَنَّهُ لَمْ يكُن هُجومّاً بِقَدْرِ ما كانَ نَصِيحَة لحُبه لِإِمام ! ثُم حَرِصَ بَعْدَ ذَلِكَ كَى يُثبت حُسن نِيَّتُه تجاهَه عَلَى حُضُورِ حَفْلِ زِفَافٍ نَجْلِه ” رامَى ” و كَعادَة إمام المُحِبّة للدُعابة السخيفة ! ظِلّ يُناكف زَكَّى فى الحَفْل و يَقولُ لَهُ « خَلَاص كبِرْنا يا أَبو حمَيْدٍ و بِنجوز الْعِيال و قَربْنا نَمُوت » ! فَصَمَت زَكَّى و لَم يُعلق فَما كانَ مِنْ إمامٍ إنْ يُكرِر ما قَالَهُ مَرَّةً أُخْرَى و هُنا لَمْ يَسْتَطِعْ زَكَّى تحّمُل ذِكر هَذِه الجُملة و قالَ لَهُ ” يَعْنِى أَنْت مُصمم تِفْضل تعّكنِن عَلِيّا و تجِيب فى سيْرِة الموت دى ” ؟! و انصرَفَ غاضبّاً و تركَ الحَفْل و بِالطَّبْع إِمامٍ كانَ يَعْلَم جيدّاً أَن سِيرة الْمَوْت تُعّكِر مِزاج مَرِيض السَرطان و ما كانَ يَصِحُ أَن يُداعب زَكَّى بِمِثْلِ هَذِهِ الدُعابة السَّخِيفَة عَلَى الْإِطْلَاقِ ! ,, و مِن وِجْهَةَ نَظَرِ كاتِب هَذِه السُطور أَن عادِل إمام كانَ يُغير فنيّاً مِن زَكَّى و يتمّنى أَنْ يَكُونَ فى مَوْهِبَتِه بَيْنَما كانَ زَكَّى يَحْلُم بِتَحْقِيق لُغة الأرْقام الَّتِى يُجيد تّحقيقها إمام دون بَذلِ مَجهودٍ شديد مِثْلِهِ ! .. يُذكر أن تَزَوَّج زَكَّى مِنْ الفنانة المُعتّزلة الرَّاحِلة هالَة فؤاد و أَنْجَب مِنْها ابْنِه الْوَحِيد الفَنّان ” هَيْثَم أَحْمَد زَكَّى ” لَكِنَّهُما انْفَصَلَا قَبْل وفاتِها بَعدَة سَنَوات تلك الوفاة التى سَبَبْت لزكى ألمّاً شديدّاً فى نَفْسِيَّتَه ظِلّ يُلازمُه لِمُدَّة استمرّت حتى رحيله فى 27 / 3 / 2005م عَن عُمرٍ يُناهز عَلَى الـ 56 عامّاً بَعْدَ صراعٍ طَوِيلٍ و مَريرٍ لِلْغايَة مَع مَرَض سَرَطان الرِّئَة نَتِيجَة إفراطِه فى التَّدْخِين و هوَ الْأَمْرُ الَّذِى أَدَّى لاستفحال السَّرَطَان فى جَسَدِه فَلَمْ يَكُنْ زَكَّى يَشْرَب السجائر بلْ كانَ يَكاد يأْكُلُها ! و يَنْهَمُ مِنْها بِشَراهَة و كانَت النَّتِيجَة المُتّوقعة هى أَصابَتهُ بِالْمَرَض اللَّعِين إضافَة لـ ” تلّيُف الْكَبِد ” ثُمّ انْتِظَار الْقَدْر الْمَحْتُوم بِحَسْرَة و نَدامَةٌ ! بَعْدَ أَنْ فَاتَ الْأَوان ليُصاب بِالْعَمَى فى أَواخِر أَيَّامِه إلَّا أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ المُحيطين بِه تكّتُم ذَلِكَ الْخَبَرُ و الْحَقِيقَةِ أَنَّ زَكَّى حِينَ عَلِمَ بِحَقِيقَة مَرَضِه بالسرطان لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ سهلاً عَلَيْهِ وَ كَذَلِكَ عَلَى طَبِيبَه المُعالج ” أَحْمَد الْبَنَّا ” بالمّرة حيثُ ذَكَر الْأَخِير فِى أَحَدٌ اللِّقَاءات ” كانَ زَكَّى يشعُر بِخَوفٍ شديدٍ مِن المَرض حَتَّى إنَّ كانَتْ أَدوار بَرْد عَابِرَة ! و أَذْكُرْ أنَّهُ أُصِيبَ ذَات مّرة بحُمى و ارتفعّت دَرَجَةَ حَرارَتِهِ فَأَصَرَّ عَلَى إقامتى مَعَهُ فِى الْفُنْدُق رَغِم أَن الْحالَةُ لَمْ تَكُنْ تّستّدعى وجودِ طَبِيبٍ و لِذَلِك حينَ عَلِمْتُ بمَرضِه إضْطُرِرِتُ أَن اخْتَرَع مُصطّلح ( خَلَايا نَشْطَة ) لأتجنب إبلاغِه بِإِصابَتِه بالسرطان بشكلٍ مُباشر لكى لَا يشعُر بِالْخَوْف و قُمتُ بتّبسيط مَوْضوع الْمَرَض و العِلاج و أسالِيبه فَكَان رُدَّ فِعْلُهُ عنيفّاً و قَال ( دى جاتلى مُنَيْن و إزاى المُصيبة دى ؟! ) و بَعْد عودتنا مِن رَحْلِه عِلَاج بفرنسا كانَتْ حالَتَهُ الْعامَّة جَيِّدَة فطالبتُه بالبدءِ فى تَصْوِير فِيلْم ” حَلِيم ” ليَرفَعَ ذلِكَ مِنْ روحِهِ المّعنوية و يَشْغَلَهُ عَنْ الْمَرَضِ لَكِن تأخُر التَّصْوِير لمُدة 6 أشهِرّ جَعَلَ الْمَرَض يشتّد عَلَيْهِ وَ ينتّشر فى أَكْثَرَ مِنْ مِنطقة بِجَسَدِه خِلَال الأَيّامِ الأخِيرَةِ مِنْ بَيْنِها الكَبد و المُخ حَتَّى إنَّهُ أثرّ عَلَى عَصب الْعَيْن و أَضْعَف لَه الْبَصَر بِدَرَجَة كَبِيرَة وَصَلَتْ إلَى مُعاناتِه مِنْ عَمَى جُزئى وَقْتِها لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ إخْبار مَن حَوْلَهُ ” و ظِلّ زَكَّى يُعانى و يُعانى مِنْ الْآمِ مرَض السَرطانِ اللَّعِين و مِن مُضاعفاتِه إلى أن حانَتْ لَحْظَةُ النِّهايَة ليُسدل السَّتّار عَن عِملاقٍ رائِع و تَفَقَّد السينِما الْمِصْرِيَّة و الْعَرَبِيَّة فنانّاً موهوبّاً لم يكُن يُتقن فَنَّ التَّمْثيلِ بامتيازِ فَحَسْب بل تَخَطَّى هَذِه المّرحلة إلَى مّرحلة إتْقان فنّ التّقمُصِ باقتدار مُنقّطِع النّظير .. رَحِمَ اللَّهُ أَحْمَدَ زَكَّى و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتِهِ و أَسْكَنَه فَسيحَ جَنّاتِهِ .