أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد سعيد أبو بكر
ashraf gaber
16 نوفمبر، 2022
ثقافة وفنون
42 زيارة
هو ‘‘ الكوميدْيانُ الفِطْرى ‘‘ و ‘‘ صانِعُ الْبّهْجَة ‘‘ و ‘‘ شَيبوبُ السِينِما الْمِصْرِيَّة ‘‘ الفنان الْكَبِير و الْقَدِير ( سَعِيد مَحْمود أبو بَكْر ) الشَّهِير بِسَعِيد أَبو بَكْر ذلِك المُمّثِل الكوميدى الرائِع الَّذِى يُعد أَحَد فنانى الكوميديا الْجَمِيلَة فى الْعَصْرِ الكلاسيكى و ذلِك لتّمَتُعه بجَسدٍ نَحِيل و وَجْه طُفولى و خِفّة ظِلّ عالِيّة ساعَدَتْه فى تّجْسِيد العَدِيدِ مِنَ الْأدْوار الكوميديّة إضافَةً لكّونِهِ صاحِب الْأدْوار الثَّانِيَة و الْمؤثِرَة بِالْعَصْر الذهبى للسِينما الْمِصْرِيَّة و مؤَدِ الْحَركات الطَريفَة الَّتِى اسْتَطاع إضْحاك الْكَثِيرِين بِها علاوة على كاريزمَتِهِ العالية التى تَمَيَّزَ بها عَلَى الرغُم مِنْ عَدَمِ وسامَتِهِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَطاعَ أَنْ يَحصُد حُب و تَقْدِير الجُمهور بِالْكَثِيرِ مِنْ الْأَدْوار الجَميلَةِ المُمّيَزة الَّتِى قَدَّمَها خِلَال مَسِيرَتَه الفَنِّيَّة كَما يُحسب لَه كَذلِك مُساهَمَتَهُ فى نَهْضّةِ الْمَسْرَح الْمِصْرِى بِإِخْراجِه لِلْكَثِير مِنْ النُّصُوصِ الْهامَة و يُذكر أن أطْلَقَ عَلَيْهِ النُقّاد لَقَب ( شّيبوب السينِما الْمِصْرِيَّة ) نِسْبّةً إلَى دورِ ” شّيبوب ” فى فِيلْم ” عَنْتَرَة بْنِ شَدَّاد ” مَعَ مِلْكِ الترسو ” فَرِيد شوقى ” ذلك الدَّوْر الَّذِى ظّلَ عالقّاً بأذهّانٍ الجُمهور حَتَّى كِتابّةِ هَذِهِ السُطور و بالتأكيد سَيَظّل كَذلِك إلى ماشاء الله حَتى لو لم تَعرِفَ الأجيال الجَديدَة اسمَهُ ! فمِن وجهة نَظرى أن السَّبَب فى ذلِكَ يَرْجِعُ إلَى تّقْدِيمِ أبو بَكْرٍ أدوارّاً مُعظَمَها كان ثانويّاً فارتَبَطَ إنْتاجَهُ الفَنى بالأجيالِ الْقَدِيمَة فَقَط بَيْنَما تَجْهَل الأجْيال الْحالِيَّة اسْمَهُ و أحيانّاً شَكْلَهُ أيضّاً خاصة إذا ما خَلَع أزياء ” شّيبوب ” و أزال اللَّوْن الْأسْوَدِ مِنْ عَلَى بَشَرَتَه الْبَيْضاء .. ولِدَ أبو بَكْرٍ فى 20 / 11 / 1913م وَسَط أَسرَة مُتَوسِطّةِ الْحال فى مَدِينَة طَنْطا بمُحافَظّةِ الْغَرْبِيَّة و تَلْقَى تَعْلِيمَهُ فِى مَدْرَسَة طَنْطا الِابْتِدائِيَّة ثُمّ طَنْطا الثَّانَوِيَّة و حَصَلَ عَلَى شهادة البكالوريا ‘‘ الثانويّة العامّة ‘‘ عام 1933م و يُذكر أن انْضَمَّ خِلَال دِراسَتِه فى الْمَدْرَسَة الثَّانَوِيَّة إلَى فَرِيقٌ التَّمْثِيل ليُضْحى عُضوّاً بارزّاً بِهِ بَعْدَ أنْ قَدّمَ العَدِيدِ مِنَ المَسرحياتِ عَلَى مسْرَحِةِ كان أبرزها مَسْرَحِيَّة “ لوِيس التَّاسِع ” و لحُسنِ حَظُّه أنْ أَثْناء قِيامِه بتأديّةِ أدواره فى إِحْدَى المَسرحيات شاهَدْته فِرْقَة رَمْسِيس الْمَسْرَحِيَّة لِصاحِبِها ” يوسُف بِك وهبى ” أثْناء زِيارَة لِمَدِينِهِ طَنطا و شاهِدَهُ المُمّثِل ” مُختار عُثْمان ” و هو يُمّثِل و يَندَمِج ليُعْجَبَ بموهِبَتِهِ و أَدائِهِ فوَعْدَهُ بِضّمِهِ لِفِرْقَة رَمْسِيس بَعْدَ إتْمامِهِ لِشَهادَةِ البَكالوريا و بِالْفِعْل عَمَل بِفِرْقَة رَمْسِيس بمُجرد حُصولِهِ عَلَى الشَهادَةِ بِأجْرٍ شّهرى 3 جُنيه لَكِنَّهُ تَرْك الْفِرْقَة بَعْدَ أَنْ طَلَبَ رَفْعِ راتِبَة لـ 5 جُنَيْه و رُفِض طَلَبَه فَسافَرَ إلَى السوَيْس بَحثّاً عَن فُرْصَةٍ أَفْضَل لِلْعَمل بَعيدّاً عَنْ التَّمْثِيل و بِالْفِعْل اسْتَطّاعَ أَنْ يَعْمَلَ بِوَظِيفَة آمِين مَخازِن بِالْمَجْلِس البلدى بالسويس فى الْفَتْرَة مِن 1933م حَتَّى عام 1936م لَكِنَّهُ تَرْكها لِأنَّهُ لَمْ يُطِق الْوَظِيفَة و لَمْ يَتَحّمَلْ أَنْ يَكُونَ موظفّاً عَلَى الدَّرَجَةِ السَّادِسَة كّونَ طُموحَهُ كان يَتَخَطَّى ذلِك بِمَراحِل و يُذكر أيضّاَ أن نَوّهَ أَبو بَكْر عَنْ ذلِكَ فى حَدِيثٍ إذاعى لَهُ فَقَالَ ” اشْتَغَلَت آمِين مَخْزَن و كُنت باقبَض 6 جنَيْه فى الشَّهْر إنَّما ماكونتش مَبْسوط لأَنِّى حَسَيْت إِنِّى أَصْبَحْت عامِلٌ زى ( عَفْرِيت الْعِلْبّة ) اللى ماحَدِشْ بيحِس بِهِ عَشان كُنت بَنام سطِيحَة كُل يَوْم بَدْرِى و بَعدين أصحى فَجْأَة أفُطْ مِنْ عَلَى السرِيرِ جَرَى عَلَى الْوَظِيفَة المُمِلّة اللى لافيها لَا إِبْداع و لَا ابْتِكار و لَا شُعورَ بِأى لَذَّة أبدّاً ” و بِالْفِعْل سافَر أَبو بَكْر للقاهرة و انْضَمّ إلَى فِرْقَةٍ ” أَنْصار التَّمْثِيل و السِّينِما ” ثُمّ فِرْقَة ” فاطِمَة رُشدى ” ثُمّ فِرْقَة ” ملْك ” و أخيرّاً فِرْقَة ” فؤاد الجزايرلى ” و مَع افْتِتاح العِملاق المَسرحى ” زَكَّى طليمات ” للمَعهّد الْعالِى لفن التَّمْثِيل عام 1945م كانَ سَعِيد أبو بَكْرٍ مِنْ أوائِلِ المُلتّحقين بالمَعهّد و نالَ إعْجابَ طليمات أثناء تّقديمِهِ جزءً مِن مَسْرَحِيَّة ” الْبَخِيل ” خلال تقّدُمِهِ لِدُخول الْمَعْهَد و بَعْدَ أَنْ حَصَلَ أَبو بَكر على دبلومتِهِ عام 1947م عَمِل مُفتشّاً بالمّسرح المَدرسى إلَى جانِبِ عُضويتِهِ كمُمّثِل فى فِرْقَة الْمَسْرَح الْحَدِيث و مَعَ بِدايَةِ الخَمسينات أخْرَج عددّاً مِن المَسرحيات مِنْها مَسرحيات ” صُنْدوق الدُّنْيا ” و ” بابا عايز يَتَجّوز ” و ” حَوَّاء ” و ” النَّاس اللى فوْق ” ثُم اتَّجَه أبو بَكْر بَعْدَ ذلِكَ إلَى السينِما بَعْدَما تَعرِّفَ عَلَى المُخرج ” مُحَمَّد كَرِيمٌ ” و كانَ أوَّلَ دَوْرٍ لَهُ عَلَى شاشَتِها فى فِيلْم ” يوْم سَعِيد ” عام 1940م و ” الوَرْدَة الْبَيْضاء ” الَّذِى أَخْرَجَه مُحَمَّد كَرِيمٌ و يُذكر كذلك أن كانَتْ مُعظّمْ أدوارِهِ إمَّا صَغِيرَة أَوْ ثانويّة و الفِيلْم الْوَحِيد الَّذِى شارَكَ فِيهِ بالبُطولَةِ كان فِيلْم ” السَبْع أفندى ” إضافَةً لأَعْمالِه السينمائيّة الأُخْرَى التى كان أبرزها ” أفْراح ” و ” 3 لصوص ” و ” إبْتِسامَة أَبو الْهَوْلِ ” و ” أرْمَلَة و ثَلَاثُ بَناتِ ” و ” السَّاحِرَة الصَّغِيرَة ” و ” رِسالَة إِلَى اللَّهِ ” و ” عَنْتَر بنِ شَدَّاد ” و ” لُقمّة الْعَيْش ” و ” بَيْن السَّما و الْأَرْض ” و ” الْأخ الْكَبِير ” و ” تُجار الْمَوْت ” و ” إِسْماعِيل ياسين لِلْبَيْع ” و ” سِجين أَبو زعبل ” و ” مُعجِزَة السَّماء ” و ” دّستّة مَنادِيل ” و ” نِساء بِلَا رِجَال ” و ” حميدو ” و ” أمريكانى مِن طَنْطا ” و ” غَرام المليونير ” و ” الْعامِل ” و ” حَسَنٍ وَ حَسَن ” و ” الأستاذه فاطِمَة ” و ” عايزة أتجوز ” و ” عَروسَه الْبَحْر ” و ” حَبِيب العُمر ” و ” دائِمّاً فى قَلْبِى ” و ” لَيْلَةِ الْعِيدِ ” و ” فَوْق السَّحاب ” و ” تاكسى الْغَرام ” و ” الأستاذة فاطِمَة ” و ” علشان عُيونك ” و ” الفارِس الْأسْوَد ” و ” سّيدِة القِطار ” و ” العَروسة الصَّغِيرَة ” و يُذكر أيضّاً أن شارَك أَبو بَكْر فى الْكَثِيرِ مِنْ أَفْلاَم الثنائى النَّاجِح ( لَيْلَى مُرَاد و أنْوَر وجدى ) مِثْل ” لَيْلَى بِنْت الْأَغْنِياء ” و ” عَنْبَر ” و ” قَلْبِى دليلى ” و ” غَزْل الْبَنات ” .. جديرٌ بالذِكر أن مَعَ بِدايَةِ ظُهور فرق التليفزيون عَام 1963م أن تَرشَّح سَعِيد أَبُو بَكْر لِيَكُونَ مُديرّاً لِفِرْقَةِ الْمَسْرَح الكوميدى و بَعْدَ ذلِكَ أَضْحَى مُديرّاً لِلْفِرْقَة الإستِعراضيّةِ الغِنائِيَّة و قَدّمَ مِنْ خِلَالِها عِدَّة مسرحيات مِنْها “ بِنْت بِحِرَى ” و” حِمْدان و بهانّة ” و” الْقاهِرَة فى أَلْفِ عام ” .. يُذكر أخيرّاً أن أَقْدّمَ أَبو بَكْر عَلَى خَطَوة جَريئة بِخُطْبَتِه لِإِحْدَى ساحِراتِ الزَّمَن الْجَمِيل و هِى الفنانّة ” ماجِدَة الصّباحى ” حيثُ نَشرّت إحْدَى المَجلاّت الفَنيَّة وقتذ صُورَة لهُما بحفلٍ مُتواضع لَم يحضُره أَهْل الْفَن و اقْتَصَرَ عَلَى أَقَارِبِ العَروسَيْن لَكِن ارْتِباطِهِما لَمْ يَدُمْ طويلّاً و قررّاً الِانْفِصال لِأَسْبابٍ مَجْهولَة حَتَّى الْآنَ و قَد اِنْشَغَل بَعْدَها أَبو بَكْر بِأَعْمالِه الفَنِّيَّة و لَمْ يَتَزَوَّجْ حَتَّى وَفَاتِه بَعْد فَشَلٌ ارْتِباطِهِ بماجِدَة بَعَدَ أن تَرَكَ هَذَا الْأمْر جُرْحّاً غائرّاً فى قَلْبِهِ بسَبَبِ تهّكُم بَعض زُملاءِ الوَسَطْ الفَنى ! عليهِ أثناءَ فَتْرَةِ الخُطوبّةِ و ازدادوا تهّكُمّاً بَعْدَ فسْخِها !! و لذا فقد صَمّمَ أبو بكر على التّركيز فى عَمَلِه الفَنى فَقط كى يتَحاشَى تِكرارِ حُدوثِ تِلك المأساةِ مع سّيدِةْ أخرى !! ليَظّلَ على هَذا المِنوال إلَى أَنْ هاجَمَهُ مَرَض الْقَلْب بِشِدَّة و أضْحَى يُعانى مِنْه أَشَدّ المُعاناة حَتَّى وآفَتُه الْمُنْيّة فى 16 / 10 / 1971م عَن عُمرٍ يُناهِزَ الـ 58 عام ليَفقِدَ الْفَنّ المِصرى واحدّاً مِن أَبْرَز الفَنَّانِين الكوميديين الَّذِينَ مِنْ النَّادِرِ أَنْ يَجودَ الزَّمان بِهِم و بِخُفّةِ ظِلهِم .. رَحِمَ اللَّهُ سَعِيد أبُو بَكْر و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتِهِ و أسْكَنَه فَسيحَ جَنَّاتِهِ .