نموتُ غرباء:
ليلي طويلٌ مثل ليلك يا “أبي”
ثاوٍ بوحشتِه على “دمّـــــــون”
وقروح جسمي من هدايا “قيصر”
محفورةٌ ، بلهيبها تشويني
“ميسونُ بحدلَ”* تستفزُّ مدامعي
وحنينُ “عبد الحارثيّ”* حنيني
وأنا أنا نايُ البلاد..تَشُبُّ في
نزفي مواجعُ غربتي وأنيني
.
.
لم تأوني هذي البلاد ..ولم تسع
حُلُمِي ..فجئتُ الماءَ كي يأويني
في البحر مُتَّسَعٌ لكلّ مُجرّحٍ
فيه اختبأتُ كَدُرِّهِ المكنونِ
في البحر مُتّسعٌ إذا ضاقت بنا
أوطانُنا ، فيه أدسُّ عيوني
.
.
يَــا أمّ “فَــلــذتِــهَــا” ..فُــــؤادُكِ فَـــــارغٌ
أدري ..وَكُــنْـــتُ وَدِيْــعَـــةً تُــلـقـيـنــي
البَـحـــر تَـــابـــوتٌ لأحــــلامـــي الـتــي
أخــشَـى عَــلـيـهــا مِـــن أذى فـرعــونـي
في جَــوفِـــه الظُــلـمَــاتُ أهــوَنُ وطـــأةً
مِـــن ظـــالـــمٍ مُــتَــجَـــبِّـــرٍ مَـــــأفُـــونِ
.
.
أنا ذلك اليمنيُّ ..منذ ولادتي
حتى مماتي والشقاءُ قريني
من أول التاريخ حتى آخر التاريخ
ينشرني الرّدى ..يطويني
للموتِ أفضلُ وجبةٍ .. يلتذّني
دون الورى ضرسُ الردى الملعونِ
ما بال هذا الموت ليس تعافني
أحشاؤه ..وتعافُ لحمَ الطينِ..!
.
.
يا حارثَ بن الفضلِ يا وتدَ الرؤى
يا قطب أقطابي.. وبوح يقيني
جبلُ القصيدةِ أنتَ ، جرح قصيدتي
لَهَبٌ ، ونيرانٌ دموعُ شؤوني
أنا لستُ أبكي خفقَ قلبكَ مالكًا
يا والدي المكلوم بل أبكيني
.
البحر يشربُ من “حبيبي” كوثرًا
كالسلسبيل ، وملحَه يسقيني
يا “مالكَ” بن الفضل حلّ “مُتمّمٌ”
في أضلعي بفؤاده المحزونِ