ذكرياتٌ لأيامٍ زائفة ……. بقلم // إبراهيم احمد الحميدي // العراق

#ذكرياتٌ_لأيامٍ_زائفة ٍ

رحْتُ استقصي منازلاً آوتْ أوجاعنا ذاتَ عهدٍ، ولم أجدْ منها سوى حطامِ الذكرياتِ، وحشرجاتِ المنسيين ممَنْ تلقفتْهُم طرقاتُ المدنِ الغريبة التي عجزتْ حينها عن عزائنا .
بحثتُ عن دموعٍ محروقةٍ ودّعناها آنذاك في احدى الأزقةِ بالقربِ مِنْ بائعِ الشاي.
قصدتُ اسأله عنها ولم اجدْهُ… قيلَ لي أنَّهُ لم يحتملْ جذوةَ الدمعِ التي كان شاهداً عليها حينَ اشتعلتْ، والذي كان قد ارتحلَ إلى مكانٍ آخر!!! ووجدتُ شاهدةً مهترئةً بمكانِ إقامتهِ، تتدلى على جدارٍ قد أكلتْ منهُ مياهُ القدرِ لترسمَ على صفحاتهِ لوحاتَ أنهُرٍ متفحمةٍ، وتحتها جثث من أعقابِ سكائرٍ مسحوقةٍ بأقدامِ زائرين ما عادوا يرغبون في بهرجةِ اقرانِها لينفثوا حسراتَهم هناك؛ كتُبٌ على تلك الشاهدةِ
(هنا ترقد دموع آل حميدي) وكانت ايضاً شاهدةً على بقايا الجوعِ داخل قمامةٍ اتخذها النمل قلعةً يأكلُ منها ويحتميَ بها..
حان وقت الرحيل.. قراءتُ الفاتحةَ عندها وغادررررتُ بلا وداع ..

هكذا هي الايامُ تفعلُ فعلها، وتتركنا لماضٍ يجلدُنا في كلِّ ليلةٍ ألفَ جلدةٍ ليطهرَنا من ذنبٍ لم نرتكبْهُ لـ يتراءى لنا سديماً يتخلخلُ ما بين راسياتِ الآلامِ وجورِ الخيبات .
لقد وقعنا أسرى حيال مشاعرٍ سُحِقَتْ أمامَ جبروتِ كينونةٍ زائفةٍ جعلتْ منَّا بقايا أجسادٍ تتحركُ دونَ احاسيسٍ، همها الوحيد استعادة ما طوي من تلك الاحلام التي لا زالت على قيد الأمل، ولا مناص من استحضارها عندما يكتظُّ العقلُ بالاشواق وهو في خضم البؤس، ولم تكن هناك راحةً عندما تواسينا تلك الذكريات، حينَها نضطرُ إلى تركِ ارواحِنا حيثُ يطيبُ المكوثُ لها، ونأخذ منها قسمات الحنين، وننثرها في دروب العابرين لـ نرى بها طيوفَ مَنْ عزَّ علينا فراقهم ….

#الصورةُ_من_كركوك_بعدسةِ_بائع_شاي
ِ

#الاثنين_21_نوفمبر
الساعة/ ١١:٢٠م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.